من تاريخ التعليم النظامي والمدارس الأولي في الاك / محمد /عبدي | البشام الإخباري

  

   

من تاريخ التعليم النظامي والمدارس الأولي في الاك / محمد /عبدي

البشام الإخباري / اشتهرت ولاية لبراكنه عموما ومقاطعة الاك خصوصا على مر العصور بمدارسها القرآنية ومحاظرها العريقة كذائعتي الصيت الكحلاء والصفراء مما ولد لدي اهل هذه الربوع اهتماما متميزا بدراسة العلوم الإسلامية دون غيرها مما يفسر قوة بل شراسة المقاومة الثقافية التي جوبه بها الاستعمار الفرنسي ابان مكثه في المنطقة علاوة على دور اهل الاك في المقاومة المسلحة التي انطلقت اولي هجماتها ليلة التاسع دجنبر 1903 على قلعة الفرنسيين بهضبة اكويبين حيث نزل كبولاني اثناء زيارة ميدانية للبراكنه.

لقد رفض سكان المنطقة منذ الوهلة الاولي ارسال ابنائهم الي المدارس الفرنسية ومنهم من ظل على ذلك الموقف من التعليم النظامي حتى بعد الاستقلال بل والي يومنا هذا بالنسبة لبعض القري التي لم يوجد بها قط نظام تعليمي خارج الإطار المحظري.

فبعد استتباب الامر للفرنسيين في البلاد مطلع القرن العشرين فكروا في فتح مدارس واكتتاب تلاميذ للدراسة فيها. بدأوا باختيار بعض الشباب المرشحين للرئاسة التقليدية لبعض المجموعات القبلية المحلية ونظموا لصالحهم تكوينا سريعا لتعليمهم اللغة الفرنسية وكان من بين هؤلاء المصطفي ولد اداع ومحمد سالم ولد عبدي ولد مكي -وهو جدي - رحمة الله عليهما.

وقعت بعد ذلك اول محاولة تأسيس مدرسة نظامية فرنسية في قرية الاك الناشئة ويذكر الاداري والمؤرخ الفرنسي بول مرتي سنة 1921 في احدي كتاباته ان وجود هذه المدرسة قوبل بعدم اهتمام ملحوظ من لدن سكان القرية -ومعظمهم يومها من اعوان المحتل وحرسه -تمثل في عزوفهم عن إرسال ابنائهم اليها نتيجة تفضيلهم كما يقول للتعليم القرآني.  

فشلت هذه التجربة وواصل المستعمر انتقاء بعض ابناء الوجهاء والمقربين منهم وارسالهم الي مدارس المستعمر في السنغال ثم الي مدرسة بتلميت ومن الذين درسوا في هذه المرحلة عثمان ولد سيد احمد ولد بوبكر والناجي ولد المصطف رحمة الله عليهما في حين تشكلت اول دفعة تلتحق بمدرسة بتلميت خلال السنة الدراسية 1934/1935 من الثلاثي محمد ولد محمد عبد الله ولد الشيخ القاضي اول عمدة لمدينة الاك والبرلماني والوزير والدبلوماسي معروف ولد الشيخ عبد الله والوزير احمد ولد اعمر ( بن اعمر) اول عمدة لمدينة مال وكانوا زملاء دراسة للرئيس المختار ولد داداه اطال الله عمر الوالد الوزير معروف ورحم الآخرين.

قامت السلطات الفرنسية خلال السنة الدراسية 1938/1939 بمحاولة جديدة لفتح مدرسة في الاك واختارت دفعة تلاميذ من ابناء الرؤساء التقليديين والوجهاء وبعض ابناء اهل القرية ضمت الاميرين لبات ولد احمياده وبكار ولد احمدو ووالدي فال ولد عبدي ولد مكي واعمر واحمد ابني صيبوط وعبد الله ولد بله والشيخ ولد حيبلتي (ولد بلعيد) وعبد الله ولد كبد وحدمين ولد مولاي وتلميذة وحيدة بنتا جلو والدة اهل مور سيس رحم الله الجميع. كان مقر القسم الوحيد اولا الخوبه بجوار السلطة الاستعمارية ثم تحول الي المبني الذي احتضن لاحقا مكاتب الإدارة الجهوية للتعليم ثم مكاتب المقاطعة ثم مقر صندوق الإيداع والتنمية قبل هدمه مؤخرا لتوسعة ساحة المنصة.

تولي تدريس الفصل بالفرنسية محمد فال ولد البناني رحمه الله وهو أحد اوائل مثقفي البلد باللغتين العربية والفرنسية وينحدر من منطقة الترارزه فيما درس اللغة العربية القاضي والعالم الجليل محمد لمهابه ولد الطالب اميجن رحمة الله عليه. لم تستمر المدرسة الا سنة واحدة فانتقل معظم التلاميذ خلال السنة الدراسية الموالية الي بتلميت حيث أكملوا المرحلة الابتدائية. 

تم بعد ذلك خلال العام 1945 بناء اول مدرسة في الاك (المدرسة رقم1الحالية) وضمت اول دفعة درست فيها رئيس الجمهورية الاسبق سيدي ولد الشيخ عبد الله ويحي ولد عبدي ولد مكي البرلماني والاداري السابق والاداري السابق المرحوم امبي فال والطبيب محمد ولد محمود وآخرين. استمرت هذه المدرسة الي اليوم ومر بها منذ تأسيسها اطر كثيرون احتل معظمهم وظائف عليا في هرم الدولة كالوزارات والسفارات والمؤسسات العمومية وغيرها من المناصب السامية في الدولة ومجالات التعليم والصحة والهندسة وغيرها من المهن المدنية و العسكرية.

 تعددت المدارس بعد الاستقلال وازدهر التعليم النظامي شيئا فشيئا ليتم تشييد اعدادية الاك (الثانوية فيما بعد) التي شكلت فضاء تعارف وتبادل ثقافي بين ابناء المقاطعات الشمالية للولاية زهاء عقد من الزمن قبل انتشار المؤسسات التعليمية الإعدادية والثانوية في لبراكنه الا ان ذلك التوسع المصاحب لتحسن الظروف المعيشية والخدمات المختلفة المساعدة على التعلم والدراسة لم يكبح جماح هبوط المستويات الذي استمر مع الاسف بشكل صارخ. 

حفظنا الله واياكم من كل مكروه وادام علينا جميعا نعمه الظاهرة والباطنة انه سميع الدعاء.

من صفحة الأستاذ محمد ولدعبدي / الامين العام لوزرة التسغيل والشباب والرياضة