أحمد زازه ..وبقرة لمرابط..... | البشام الإخباري

  

   

أحمد زازه ..وبقرة لمرابط.....

هي بقرة قرناء غامض لونها تسوء الناظرين...اشتراها لمرابط لتكو ن ثانية لأخرى بعد كارثة "قرجه" التي قضت على ما أنف الجفاف عن إبادته....

لمرابط رجل فخور ذو دعاو متعددة في الكرامات...يدعي العلاقات بالجن يسلطهم على من يشاء ويصرفهم عمن يشاء...ويكلفه الأموات برسائلهم إلى ذويهم....

إذا سمع مثلا في ألاك أن جمل أهل سيدي ذكر في شكار أجر سيارة الى القرية ليسبق صاحب الخبر ويقول أن جدهم الذي مات منذ قرنين كلفه بتوصيل المعلومة إلى أبنائه...وهكذا تخافه العامة وتعده "صالحا"...

لكن بقرته جرت له كثيرا من المتاعب ..فأصبحت مصدر التنكيت عليه حتى سئمها و كره ذكرها وأحاديث الناس عنها...

هي بقرة ذات شان...."زرزورية" ( قصيرة الأثداء)... يعسر إخراج لبنها علي غير العصبة أولي القوة من المتمرسين من الحلابة...إذا جلس تحتها الماهر أن ..

 واشتكى وباءت محاولاته الأولى كلها بالفشل لصعوبة مسك الثدي أولا ثم لعسر خروج اللبن الذي يشبه عند خروجه خيوط العنكبوت و أسلاك الريق التي تخرج من أشداق البقرة أثناء عملية الاجترار....تعاقب عليها سبعة رهط مشهود لهم بالمهارة والقوة ...لم يعد إليها حلاب قط كانوا جميعا يستقيلون في الليلة الأولى...

وجاء "احمد المعروف بأحمد زازه" وهو رجل مشهور في كل ما يتعلق بالبقر من حلاب وتذليل وفطام ...الخ تساعده في ذلك بنية عضلية قوية ومتماسكة....يدعي انه فنان عصره في شؤون البقر ...

قال له لمرابط "احيمد " إذا أفلحت في مداومة الحلاب سيكون أجرك كثيرا في الدنيا والآخرة...فأجابه والله لو كانت ثورا لحلبته وصاح : زازه...ثم لا تتعب نفسك في شراء حبل " يامرابطي"أنا أقيد البقر بذكري وأردف : "ينسخ اعبو" وصاح " زازه" وزازه دعوة للمبارزة عادة في بعض الألعاب التي يطبعها العنف غالبا لكن احمد يدعو للمبارزة في شأن آخر...

احمد يمتلك حصانة اجتماعية قوية...

يتقبل المجتمع كل ما يصدر منه ويحوله الى وسيلة ترفيه...كان شبه الكتاب الوحيد الذي تقرأ منه النساء أنصاف الأميات قصص الحب المحلية والمغامرات الجنسية ..كن يستدرجنه وربما دفعن له الهدايا مقابل البوح الذي يخلط فيه كثيرا بين الحقيقة والخيال....وهو يغتنم الفرصة للتفوه بالمسكوت عنه...أحب المجالس إليه تلك التي يكون فيها الرجل مع أبيه أو صهره  أو المجموعة المختلطة من الرجال الوقر المهيبين والنساء المتفاوتين في الأعمار ليخرج الريح جهرا ويقول الكلمات المحرجة ويظهر عورته عمدا لأنه لا يلبس السروال أبدا .. له منطقة تتوسط ظهره وبطنه ويبقى جنباه ومقاه بارزين..

كان مستودع أسرار الكثيرين من أترابه الذين أصبحوا شيوخ محاظر أو أئمة او موظفين سامين... كانوا يوظفونه في رسائل الغرام والجمع بين العشاق..والآن وقد كبروا وتغيرت حالهم وأصبحوا – في زعمهم - بنى اجتماعية فوقية لا يليق بهم أن يسمعوا من تاريخهم ما لا يتناسب مع مكاناتهم..

لكن ما ل"احمد" وما يريدون...لقد امتلكوا ثروة العلم والمقامات لكن ثروته أغلى وأخطر:  إحراجهم بإذاعة أسرارهم لأبنائهم الذين أصبحوا أيضا رجالا أو لزوجاتهم وأمام أعينهم ... كان يهدد أقوى الشيوخ وأعزهم مكانة ...يباغت محمد المصطفى وهو بين طلبته يشرح لهم بعض نصوص الرسالة....أو أبياتا من ألفية ابن مالك فيقول : "امسيكينه فا........

." ويمد الفاء مدا طويلا يحيل به الشيخ إلى فترة الشباب وإحدى بطولاتها ويكتفي الشيخ بغمزة من طرف عينه فيها تهديد سلمي ورشوة بهدية سوف تقدم لاحمد كثيرا ما تكون "صاك من سكر التلجي وأربع من 8147 او حولي من النيله " ثم يردف الشيخ قائلا "احيمد ارباطك" (وهي ألبق وسائل العتاب الديبلوماسي بالحسانية)" أعطو لاحيمد إقامه من أتاي" يعلم أحمد أنها مقدم الرشوة والبقية في الطريق فيرد أحمد" مغنيا:

   حاجلك ملكان     فـــزريبت لغنم

  وبيتي عنيان       يفـريخت لخدم

" زازه..زازه ما هون راجل ما هو آن والل لمبهلل أفحل أهل احمد" "ينسخ اعبو"... ويقول "آن عندي ش نبغيه ينشرح لي هذا الكاف :

ثم يتكلم همسا حتى إذا وصل  : عبد اللذين.... جهر بها وعاد إلى الكلام سرا......تجاهله الشيخ وتشاغل عنه بأمر احد الطلبة بالقراءة وكان الإمام محمد يحيى حاضرا...ولما انتهى الدرس وبقي الإمام والشيخ قال الإمام : سؤال احمد مطروح ..أنا فكرت أن هذه المرة الأولى التي أرى فيها اسم الموصول بلا صلة...ضحك الشيخ ونظر عن يمينه وعن شماله ليطمئن إنهما وحيدان وقال : صدقت : ف"عبد" مبتدأ والجملة الموصولة البادئة باللذين (عند  المحدثين مضاف إليها ) والخبر هو ما بعدها وليست هناك قطعا صلة للموصول.....

غربت الشمس وعادت قطعان البقر إلى المرحان....وجاء أحمد وصاح بأعلى صوته "زازه" أين "لفريخه" "امسيكينه ما تعرف اني حامد ملان أمبول اعل انكيم ونطهر من عكلت أنكاب ما احركت" "زازه" فيرد لمرابط قائلا " احيمد ارباطك" ويسكت فالحزم مسالمة احمد حتى لا يقرأ التاريخ...

فاجأ البقرة بضربة قوية من كفه على مبولها قائلا "أحذر جمع.. ينسخ اعبو" هذا هو سلامي على النساء ولو كانت امرأة لضحكت واستزادت ويضحك بقهقهات عاليات..ساد الصمت وبدا الأنين...وأشياء أخرى يتعمدها أحمد في غير هذا المقام...ثم وقف وصاح هذه ليست بقرة "هذي عره مري زرزوريه" قال لمرابط ما ذا تقول؟ فأجابه أنا انتقض وضوئي 11 مرة واستعملت أنواع المكابح حتى مكبح الزاخ ولما لم ينفع استعملت المكبح اليدوي لارد جنينا قليل الحياء كاد يولد تحت البقرة ..

وليمحو آثار هزيمته صاح "زازه...زازه البرزه ما أتنكس""..

واقسم أنها "راظع" فقال لمرابط إن ولدها لا يذهب إلى المراعي حتى يجد فرصة ليرضعها...لكن أحد أصدقاء لمرابط جاء وأخبره أن البقرة ترضع نفسها وأنه شاهد ذلك بعينه...فضحك أحمد ملء شدقيه

 وصاح "كافره مجم زازه...البرزه ما اتنكس ..وشرع يغني :"كالك ول أوفى اتخظي فلجيط ..." وقبل أن يكمل يقول لمرابط "أتف أباسك أرباطك"....

عولجت البقرة بتطويق رقبتها حتى لا تتمكن من ثنيها إلى ضرعها....

وفي الليلة الموالية جاءت البقرة الأخرى فارغة الضرع كأنه كان به ذات مرة لبن...

فعوقب ولدها بالحجز أياما عن المرعى...لكن الحال لم تتغير....وتلقى المرابط ثانية الأثافي حين أخبره بعض المصلين إن "بقرته ترضع بقرته" ...

وأصبح حديث القرية كلها مقتصرا على بقرة "لمرابط" فأزعجه ذلك كثيرا وازداد ضجره عندما سمع أحد العامة يقول إن لمرابط لو كان صالحا "لحجب لبقرته" ...هو إذن رأس مال يهدد وسمعة تهوي وجلال يتلاشى...إنها مصيبة نزلت توشك أن تقضي على شرعيته....يا ليته ما ادعى رؤية الجن ولا لقاء الأموات كل هذا الآن تعصف به بقرة ملعونة شوهت سمعته وأنزلت عليه دهم البلايا....

وفي المساء جاء من أقصى المدينة رجل يسعى وصاح : ايها الناس..إلي ..إلي !! أيها الناس..!!! لقد ظلمتم عجولكم  ...أطلقوها ترع وتسرح ...إن ما يرضع بقرنا هي بقرة لمرابط...فعليه أن يخلصنا منها وقد سمعت إنها بقرة ملعونة....إنها الجفاف الجديد حرمت أطفالنا وشيوخنا ومرضانا من اللبن سبع ليال وثمانية أيام....

هذه  ثالثة الأثافي وصاعقة ثمود ...كيف يتخلص من بقرته المشؤومة ...ثم كيف يكف الناس عن الحديث عنها ...الحل هو سكين الجزار...لا بد من عملية انتقام قاسية يرى فيها دماءها انهارا تملا الوادي ...قرر الشيخ محمد سالم أن يشتريها ويبيعها للجزار "حمودي" على أن يراها ليلا حتى يمضي شراءها فذلك هو الشرع...

ذهبا إلى جانب المراح وصاح الشيخ محمد سالم : إنا لله وإنا إليه راجعون هذه يكره لبنها ويحرم لحمها على أقوى الأقوال وتمتم (دابة جامعها آدمي...تقتل ويحرق لحمها..) ...وكان مخبول من أطفال الحي معه ولدا لمرابط يتعاقبون عليها لتجريب قدراتهم الجنسية....فصاح احمد "ذاك هو اصالحالو زازه..زازه ..البرزه ما اتنكس"

المرتضى ولد محمد أشفق