ولد هميد:أحزاب المعاهدة في حالة مرض وتحتاج إلى تشخيص(مقابلة) | البشام الإخباري

  

   

ولد هميد:أحزاب المعاهدة في حالة مرض وتحتاج إلى تشخيص(مقابلة)

قال رئيس حزب الوئام الديمقراطي المعارض بيجل ولد هميد خلال مقابلة له مع جريدة القلم إن أحزاب المعاهدة في حالة مرض وتحتاج إلي تشخيص لمعرفة ما تعاني منه والبحث لها عن العلاج الملائم. وأملنا أن لا يكون مرضها مستعص على العلاج.

نص مقابلة ولد هميد مع القلم :

قام حزبكم مؤخرا بتنظيم مهرجان شعبي لقي بحسب المراقبين نجاحا كبيرا. وكان مقررا أن يكون انطلاقة لنشاطكم السياسي وبصورة خاصة أن يقدم الدعم لعمدة ونائب روصو ومجلسه المحلي المعطل. ما هي الدروس التي استخلصتموها من هذا المهرجان؟

بالفعل، نظمنا مهرجانا كبيرا وناجحا على جميع الأصعدة. وقد شرحنا خلاله، من جديد، خطنا السياسي وتوجهاتنا، وبصورة خاصة، كيف نرى المستقبل.

وكما قلتم، كان هدفنا كذلك أن نشرح للمواطنين بولاية اترارزه عموما، ولسكان روصو على وجه الخصوص، الوضعية التي تعيشها بلدية روصو حاليا وما تشهده من تدخل لسلطة الوصاية في شؤونها بشكل يعيق سير العمل الاعتيادي للبلدية.

وأتيحت الفرصة لعمدة البلدية كي يقدم مباشرة للجمهور حصيلة سنتين من العمل تمكنت البلدية خلالهما من إنجاز نتائج ملموسة، رغم العوائق التي وضعتها سلطة الوصاية في وجهها، ورغم تصرفات مسؤول الخزينة الجهوية الذي يتجاوز مهمته المحصورة في رقابة ضبط الأمور المحاسبية بصفته مراقبا ماليا ومحاسبا للبلدية، ليتجنى على صلاحيات العمدة كآمر بالصرف والمسؤول الوحيد عن قرار الإنفاق، والمخول وحده للتصرف محله في حالة المصادرة.

كذلك، تطرقنا إلى ما يقوم به بعض السياسيين المحليين الذين عجزوا عن هضم فشلهم في الانتخابات البلدية والنيابية الأخيرة من محاولات لكسب أغلبية في المجلس البلدي بكل الوسائل، وبتواطئ من الإدارة، مع أن الاتفاق المبرم بين الأغلبية والمعارضة التي شاركت في حوار 2011 واضح للغاية فيما يخص الترتيبات المعتمدة ضد ظاهرة الترحال السياسي والمنصوص عليها في القانون رقم 032-2012.

أما الدروس التي استخلصتها من نجاح هذا المهرجان، لا بد أن أشير إلى مستوى التعبئة الذي حافظ عليه مناضلوا ومناصروا حزب الوئام طيلة الفترة التي غابت فيها نشاطات الحزب محليا ومدى التزامهم الذي لم يتراجع. لقد برهنوا على ارتباطهم بالنهج الذي يسير عليه الحزب ومقاربته السلمية ومعارضته المسؤولة.

نظرا لاستحالة قيامه بمأموريته وبفعل العراقيل التي وضعها النظام أو أحد مسؤوليه الكبار في وجهه، قدم عمدة روصو استقالته خلال مهرجانكم. هل يمكنكم أن تشرحوا للموريتانيين أسباب تعطيل المجلس البلدي الذي انتخبه سكان روصو بأغلبية كبيرة سنة 2014 وماذا تنوون فعله لمواجهة هذا الوضع؟

كما ذكرت آنفا، فإن أعضاء في حزب الاتحاد من اجل الجمهورية، بعد هزيمتهم في الانتخابات البلدية والنيابية، يحاولون بطرق ملتوية الحصول على أغلبية داخل المجلس البلدي تمهيدا لانتخابات مجلس الشيوخ القادمة؛ ووسيلتهم لذلك هي إحداث تغيير في الولاءات السياسية على حساب حزب الوئام الذي فاز في الانتخابات بمقاطعة روصو، حيث اتصلوا بمستشارتين من الحزب لاستمالتهما لصالحهم بدعم من سلطة الوصاية. وهذا ما أدى إلى الشلل الذي يعاني منه المجلس البلدي.

ما قمنا به في هذا السياق، هو تنفيذ الترتيبات التي تضمنها اتفاق 2011 ونصوصه التطبيقية، وذلك باتخاذ قرار يقضي بعزل المناضلتين من عضوية الحزب، وهو ما يفقدهما تلقائيا صفة الاستشارية في المجلس البلدي، وفقا للقاعدة القانونية: "التابع يلحق الأصل".

وعندما طبقت البلدية القرار الصادر عن الحزب، عمدت الإدارة إلى تعطيل نشاطات المجلس البلدي بكاملها؛ وردا على إجراءات التعطيل هذه، قام العمدة وأعضاء المجلس البلدي التابعون لحزب الوئام بتقديم استقالتهم، وهي موجهة إلى الحزب فقط ولا تصبح سارية المفعول إلا بعد موافقته عليها.

وسيعقد الحزب اجتماعات لاحقة من اجل اتخاذ الإجراءات المناسبة، قبل رفعها إلى كل الجهات المعنية وحتى الإعلان عنها في مؤتمر صحفي.

لقد قام المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة بإنهاء كافة الاتصالات مع النظام في إطار البحث عن حوار سياسي شامل وصريح، وذلك إثر تصريحات أعضاء في الحكومة طالبوا بمأمورية ثالثة لرئيس الجمهورية الذي تنتهي مأموريته الحالية سنة 2019.

ما هو تعليقكم على تصريحات الوزراء الثلاثة وردة فعل المنتدى؟

أنا أرى أن تصريحات الوزراء الثلاثة لا يمكن وضعها في نفس الخانة؛ فأول من تطرق لهذا الموضوع هو وزير المالية ولم يتحدث عن شخص بعينه، بل تكلم عن النظام، والنظام يمكن أن يحصل على عدة مأموريات إذا كان يستجيب لتطلعات الشعب؛ أما الوزيران الآخران، فقد تحدثا بصريح العبارة عن رئيس الجمهورية الحالي وعن إمكانية مأمورية ثالثة له، وذهبا إلى حد القول بأن إرادة الشعب تعلو على الدستور.

وقد حاول البعض إيجاد تبريرات لذلك بحجة أن الوزراء هم مواطنون؛ لا جدال في أنهم مواطنون ولكنهم ليسوا مواطنين عاديين؛ وهنالك ما يسمى بالتضامن الحكومي ومعناه أن أي تصريح لأحد الوزراء يلزم الحكومة بمجملها، خاصة وأن تجديد العضوية لأصحاب هذه التصريحات في الحكومة التي تم تشكيلها بعد تصريحاتهم يمكن أن يثير التساؤل والتأويل.

ويبقى أن الأهم هو موقف رئيس الجمهورية شخصيا. فموقفه كان أنه لن يجري أي تعديل على الدستور، خاصة فيما يتعلق بالمواد ذات الصلة بهذا الموضوع، فقد صرح بذلك وأدى اليمين الدستورية وهو يقرأ الفقرة الخاصة بالمأمورية الرئاسية. لذلك أرى أن ردة الفعل التي صدرت عن المنتدى سابقة لأوانها، وكان الأجدر به أن ينتظر المزيد من التوضيحات.

ما هو تقويمكم للوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلد؟

بصورة عامة، الوضع الاقتصادي في البلاد ليس سهلا، على غرار ما يجري في العالم. إلا أننا نعتقد أن هناك طرفين يبالغان في الأمور كل من جانبه، أحدهم من جهة التفاؤل والآخر من حيث التشاؤم. على سبيل المثال، عندما تقول المعارضة الراديكالية إن البلد في حالة عجز عن التسديد وتعطي مثالا لشركات عمومية لا توفر أجور عمالها، فهذا مبالغ فيه لأن بلدا يمتلك عملته الخاصة بإمكانه أن يتفادى تلك الوضعية باللجوء إلى لوحة سحب الأوراق النقدية. طبعا، النتيجة ستكون تصاعد نسبة التضخم وارتفاع الأسعار.

أما الطرف الآخر فيبالغ هو ايضا عندما يقول إن الأمور على أحسن ما يرام؛ والحقيقة أن الظروف الدولية لا تسمح بذلك، نظرا إلى أن أسعار الحديد والذهب والمواد الأولية بشكل عام، في أدنى مستوياتها ونحن لا ننتج سواها.

مع تدهور ميزان التبادل، تتهاوى أسعار المواد الأولية في حين تتصاعد كلفة المنتجات الصناعية يوميا، مما يؤدي إلى غلاء مستلزمات الحياة.

أنا أتذكر أنني كنت أملأ خزان سيارتي سنة 1978 مقابل مبلغ يقل عن ألف أوقية، واليوم نفس الكمية من الوقود لا تقل عن أربعين ألف أوقية، في حين أن مستوى الأجور لا يساير صعود الأسعار، وبالتالي لا يمكن للأوضاع أن تكون على ما يرام. هذا فيما يخص العوامل الخارجية.

أما على الصعيد الداخلي، فإن الضغط الضريبي مرتفع جدا، وكما يقال، الإفراط في الضريبة يقتل الضريبة، بمعني أنكم إذا فرضتم ضريبة مرتفعة على المساهمين خلال سنة مالية، فقد لا تجدون في السنة الموالية من يدفع الضرائب لأن المساهمين، أفرادا كانوا أو شخصيات اعتبارية، سيختفون نتيجة الإفلاس. وهناك جانب آخر ناجم عن تناقص حجم الاستهلاك على مستوى الدولة. فمعروف أن الدولة هي المستهلك الأكبر في البلد وحركة الانفاق لديها هي التي تغذي التداول النقدي بين الوسطاء الاقتصاديين، من التجار والموظفين وصولا إلى الانفاق المنزلي. وعندها تنشط حركة العملة النقدية ومعها السلع والخدمات، والكل يستفيد من ذلك؛ وهذا ما يترجمه الناس بالعبارة المألوفة: النقود غير موجودة.

نعلم جميعا أن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة، لكن عجز المصالح عن توفير ما يؤمن سيرها سيؤثر على الجميع والمواطنون هم أول من سيتضرر. لا أطالب بأن يوضع تحت تصرف القطاعات اعتمادات تفوق حاجياتهم، إلا أنه من الضروري حصولهم على مستوى التمويل الكافي لتسيير مصالحهم، وفي نفس الوقت تقوية آليات الرقابة، وخاصة الرقابة المسبقة التي تعني الرقابة عبر التدرج الإداري والرقابة الداخلية، مع الحرص على تعيين أشخاص أكفاء واستبعاد الأشخاص الذين لا خبرة لهم ولا يتقنون عملهم. وهذا النوع من الرقابة أكثر جدوى من الرقابة الخارجية (المفتشية العامة للمالية والمفتشية العامة للدولة).

كيف حال المعاهدة من اجل الوحدة والتناوب السلمي؟

المعاهدة في حالة مرض، وتحتاج إلى تشخيص لمعرفة ما تعاني منه والبحث لها عن العلاج الملائم. وأملنا أن لا يكون مرضها مستعص على العلاج.

خلال مهرجان روصو طالبتم بإطلاق سراح رئيس ونائب رئيس المبادرة من اجل الانعتاق المسجونان منذ أكثر من سنة. هل لنا أن نعرف الأسباب؟

فعلا، طالبنا بالإفراج عن برام وزميله، لأننا نعلم حاجته في أن يكون حرا لأسباب إنسانية، حتى ولو كان، كما بلغني، لا يريد أن يطلق سراحه وبالأحرى لا يريد أن يعفى عنه. المهم أنني أرى من واجبي الأخلاقي أن أطالب بإطلاق سراحه، مع أنني لا أوافقه في نظريته بشأن البيظان السمر.

بالنسبة لي، مسألة العبودية ليست مسألة لون، فهي ظاهرة عرفتها كل المجتمعات عبر العصور وعرفتها بلادنا كذلك. أنا من الأوائل الذين طرحوا القضية، واليوم نجد أن كل النصوص القانونية تم وضعها للقضاء عليها؛ ويبقى في الواقع أن بعض الحالات ما زالت موجودة. وعلينا جميعا، بدون استثناء، أن نقوم بتعبئة شاملة لاستئصال هذه الظاهرة من مجتمعنا بشكل تام ونهائي.

كثيرا ما يوجه لي الاتهام بأني أنفي وجود العبودية في موريتانيا. ما أقوله هو أن العبودية لم تعد موجودة قانونيا، لكن على أرض الواقع ما زالت هنالك بعض الحالات. لقد ورد في مذكرة صادرة عن سفير الولايات المتحدة الأمريكية أن بلاده أبطلت ظاهرة العبودية قبل 150 سنة، لكن بقاياها ما زالت قائمة. فإذا كانت أقوى دولة في العالم عاجزة عن القضاء على آثار العبودية حتى بعد 150 سنة من قرار إبطالها فكيف بدولة مثل بلادنا؟

إن الخلاف الأساسي بيني وبين بعض الناشطين في هذه القضية هو موقفي القائل بأن الحراطين لا يمكن أن يشكلوا قومية بذاتهم، لأن القومية ليست أمرا يقرر بقرار؛ فالمسألة مسألة ثقافية.

المصدر:

القلم