البشام الإخباري / ودَّعتُ بالأمس في مطار تونس قرطاج صاحب السعادة محمد محمود ولد بيه، حيث قضينا معاً ثلاث سنين في عمل مشترك كانت كلها فرحاً وسروراً مرّت علينا قصيرة أنستنا بُعد الأهل والوطن.
لم أكن أعرف سعادته من قبل لكن معرفة أسرته الشهيرة جعلتني أحمل في ذهني صورة جميلة عنه.
يُقال إن رضا الناس غاية لا تدرك، لكن سعادة السفير محمد محمود ممن كسروا هذه القاعدة، فكل من لقيتهم ممن عرفوه راضون عنه.
عهدناه من أول يوم يحمل من الصفات الحميدة ماجعل تخيلي السابق مطابق لما رأيت من محامد، فهو شخصية لها خُلق رفيع قلَّ أن تجد مثله في أيامنا هذه، لايكلمك إلا مبتسماً مداعباً وموجها حتى تخاله والدا حنونا،
ظل طيلة فترة وجوده معنا في تونس كما هو كريما، خلوقا، يؤثرك على نفسه في جميع تعامله، لايدخل مكتبه حتى يمر على الجميع للسلام عليهم ولا يغادره كذلك إلا دخل مودًعا.
كان ذا ثقافة واسعة متعددة المجالات، لاتناقشه في فن إلا تخيلت أنه مجال اختصاصه، فهو مطلع على ماجد في كل المجالات، له مكتبة عامرة بنفائس الكتب في كل الاختصاصات ويشهد على ذلك كل من زار بيته العامر بالكرم والتواضع والخُلق، حيث يتوافد إليه أصحاب الحاجات،أملا في سدّها،ووقتها تخاله المعني بقول الشاعر:
تراه إذا ما جئته متهللاً... كأنك تُعطيه الذي أنت سائله
طوال هذه الفترة تعود على دعوة أفراد البعثة العاملين معه لنقاش كل مايخدم عملهم خدمة للوطن.
يتمتع سعادته بهدوء تام، ولياقة دبلوماسية عالية، وأخلاق رفيعة، ولديه قدرة فائقة على التعامل مع الجميع بغض النظر عن مستوياتهم.
ذهب عنا سعادته وقد ترك بصماته وأثره الطيب في نفوسنا، فقد عهدناه نموذجا للقيم الرفيعة مُقتفيا سجايا آباء علماء كرام؛ الشيخ المحفوظ والشيخ عبدالله ممن حملوا مشعل العلم والمجد الأثيل، وكانوا منارة علم وشجرة طيبة تناثر ثَمرُها الطيب في كل مكان، ولاغرو؛
لاغرو إن طابت صنائع ماجد... كريم فماء العود من حيثُ يعصر
تونس بتاريخ..10/يناير/2019
المستشار الأول بسفارة موريتانيا بتونس/ الشريف ولد محمد فال