باحثون يقرون بوجود عقبات تحول دون تنفيذ المشروع الطبي، ويتهمون صاحب الفكرة بإحداث ضجة اعلامية لكسب الاموال.
واشنطن - أثار مشروع لجراح أعصاب ايطالي بإجراء أول عملية زرع لرأس بشرية حالة تشكيك لدى زملاء له خلال مؤتمر طبي في الولايات المتحدة اطلق خلاله هذا الطبيب نداء لجمع التبرعات لتمويل خطته.
وقد اعلن سيرغيو كانافيرو مدير مجموعة تعديل العمليات العصبية المتقدمة في تورينو مشروعه نهاية العام 2013 معتبرا ان مثل هذا التدخل قد يكون ممكنا في غضون عامين، اي في العام 2016.
لكن العرض الذي قدمه الجمعة على مدى ساعتين ونصف الساعة خلال مؤتمر الاكاديمية الاميركية لجراحي الاعصاب والعظام في مدينة انابوليس بولاية ماريلاند الاميركية لم يبد مقنعا البتة نظرا الى وجود عراقيل كثيرة تقف دون انجاز هذا السبق العلمي.
ومن بين المشاركين البالغ عددهم 150 شخصا، كان هناك أول شخص تطوع للخضوع لعملية الزرع هذه، وهو الروسي فاليري سبيريدونوف البالغ 30 عاما والمصاب بمرض فيردينغ هوفمان الذي يتسم باضمحلال تدريجي مستعص للعضلات. وكان هذا اللقاء الأول بين الرجلين.
وقدم كانافيرو المدعو لإلقاء كلمة في افتتاح المؤتمر، شرحا مطولا عن الطريقة التي يعتزم من خلالها اعادة تجميع اجزاء النخاع الشوكي بعد فصلها بعضها عن بعض، وهي النقطة الجوهرية في مثل هذه العملية، مستندا الى تطور مسجل على صعيد البحث خصوصا الحيواني منه.
وبحسب الجراح الايطالي فإن السر يكمن في استخدام شفرة رقيقة للغاية تسمح بقطع الالياف العصبية من دون إضعافها.
كما يعتزم الاستعانة بمادة بولي ايثيلين غليكول الكيميائية المستخدمة على نحو واسع، اضافة الى تيار كهربائي لتسريع عملية التجميع.
لكنه لم يتطرق الا لماماً الى مشاكل كبرى اخرى مثل الاعادة السريعة لانتظام الدورة الدموية في الدماغ والوصلات في النظام العصبي اللاودي، وهي من المكونات الرئيسية للوظائف التلقائية في الجسم.
وبحسب مارك ستيفنز جراح العظام في مدينة سميثفيلد بولاية كارولينا الشمالية والمشارك في مؤتمر انابوليس، "لا يزال ثمة الكثير من العقبات قبل القيام بمثل هذا النوع من الجراحات".
وقال في مقابلة "في كل العرض الذي قدمه كانافيرو عن النخاع الشوكي، اعتقد بوجود بعض الخلاصات التي تبعث على الأمل... لكن عندما يتعلق الأمر بزرع رأس، يبدو لي أن ثمة محاولة لحرق الكثير من المراحل".
من ناحيته أكد استاذ علم الاعصاب في جامعة كايس ويسترن البروفسور جيري سيلفر أن التقنية التي فندها كانافيرو لاعادة تجميع اجزاء النخاع الشوكي لم تخضع يوما لتجربة حقيقية لتحديد صحتها. وقال "لسنا حتى قريبين من القيام بها".
الى ذلك، سيكون من الصعب اعادة تركيب العصب المبهم. وهذا العصب مسؤول خصوصا عن التحكم بالهضم والخطابة ووتيرة نبض القلب وفق سيلفر.
اما الاخصائي في الأخلاقيات البيولوجية في مركز لانغون في نيويورك ارت كابلان فتساءل في مقال نشر اخيرا عن السبب الذي يمنع جراح الأعصاب الايطالي هذا الذي يدعي امتلاك قدرة كبيرة على ترميم النخاع الشوكي من البدء أولا بمعالجة آلاف المرضى المصابين بالشلل في العالم والذين لا يزال الطب عاجزا امام حالاتهم.
واعتبر ارت كابلان ان الجراح الايطالي يعطي آمالاً زائفة، قائلا "اذا كان احدهم يعلم كيف يقوم بما يدعي قدرته على فعله لكنا اثبتنا ذلك عبر تجارب على الحيوانات ولكانت هذه البحوث قد نشرت في مجلات عملية جدية".
ولفت كابلان الى انه حتى في حال كان اجراء مثل عملية الزرع هذه ممكنا، سيتعين استخدام الكثير من الادوية لمنع عدم انسجام العضو المزروع مع جسم المريض الذي لن يتمكن في هذه الحالة من العيش طويلا. كما أن هذه العلاجات تتسم بالسمية عند اللجوء الى جرعات قوية منها.
وأشار ايضا الى انه "يميل الى الاعتقاد بأن هذا كله عبثي ولا يمت للعلم بصلة وغير قابل للتطبيق وسخيف"، مشتبها في السعي لتحقيق سبق إعلامي بهدف جمع الأموال.
وفي نهاية عرضه، حث سيرغيو كانافيرو زملاءه الأميركيين على مساعدته في مشروعه، مقرا في الوقت عينه بأنه لا يدرك حقيقة كيفية انجاز كامل مراحل عملية الزرع المذكورة. وقال "لقد قدمت مساهمتي على صعيد النخاع الشوكي، وهو الأمر الأساس، وحاليا ألتمس مساعدتكم"، مستحضرا روحية الاستكشاف العلمي في الولايات المتحدة وذاكرا حتى مشروع ابولو الذي اطلقه الرئيس الراحل جون كينيدي لإرسال بشر الى القمر في ستينات القرن الماضي.
كما اقترح كانافيرو "امكان تقديم أصحاب المليارات مثل بيل غيتس المال لهذا المشروع الطموح".
وقد اشار جراح الأعصاب الإيطالي في تصريحات سابقة الى انه في حاجة الى مبلغ 100 مليون دولار لإتمام خطته.
وأجريت أول عملية زرع لرأس سنة 1970 في الولايات المتحدة على يد الطبيب روبرت وايت الذي نجح في وضع رأس قرد على جسم قرد آخر من دون التمكن من إعادة وظيفة النخاع الشوكي. وقد نفق الحيوان بعد فترة وجيزة على العملية. كما أجريت اختبارات اخرى على كلاب وجرذان.