ماهي طفرة " إي 484 " في فيروس كورونا التي تخيف العلماء | البشام الإخباري

  

   

ماهي طفرة " إي 484 " في فيروس كورونا التي تخيف العلماء

البشام الإخباري/ ماذا نعني باللقاحات المختلطة؟ وما دورها في خلق مناعة أكبر ضد فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19″؟ وما دور المناعة الطبيعية في الوقاية من كورونا؟ وما طفرة "إي 484 كي" (E484K) من فيروس كورونا التي تخيف العلماء؟ وما أبرز آثار كوفيد-19 على المراهقين؟ الإجابات في هذا التقرير الشامل.

نبدأ من ألمانيا، حيث أشارت دراسة إلى أن المزج بين لقاحي "فايزر-بيونتك" (Pfizer-BioNTech) و"أسترازينيكا-أكسفورد" (AstraZeneca-Oxford) قد يؤدي إلى تقوية المناعة أكثر من الاعتماد على أخذ لقاح واحد . 

واكتشف باحثون في جامعة سارلاند (Saarland University) غربي ألمانيا، أن الأشخاص الذين تلقوا الجرعة الأولى من لقاح أسترازينيكا والجرعة الثانية من لقاح فايزر-بيونتك، كانت مناعتهم أقوى من الذين حصلوا على الجرعتين من لقاح واحد بعينه، وفقا لتقرير نشرته دويتشه فيله.

وتعد النتائج التي خلصت إليها جامعة سارلاند أولية، إذ لم يتم تقييمها علميا بشكل كامل، وهو الأمر الذي أشارت إليه الجامعة في بيان صحافي بشأن الدراسة.

وقبل الإعلان عن النتائج بشكل رسمي، يعتزم الباحثون في جامعة سارلاند النظر في عوامل تتمثل في السن والجنس، وأيضا على سبيل المثال دراسة ما اللقاحات المختلطة التي قد تؤدي إلى آثار جانبية خطيرة. وعبّر الفريق الذي قام بالدراسة عن تفاجئه إزاء نتائجها رغم أن التقييم الكامل لما خلصت إليه لم ينته بعد.

وقالت مارتينا سيستر أستاذة زرع الأعضاء والمناعة المعدية في جامعة سارلاند، إن هذا يعد السبب وراء "رغبتنا في مشاركة النتائج التي توصلنا إليها الآن وليس الانتظار حتى انتهاء عملية التقييم العلمية".

 

 تزايد الأجسام المضادة

وشارك 250 شخصا في التجارب التي أجريت في المستشفى الجامعي في سارلاند خلال الشهور القليلة الماضية، إذ تلقى البعض منهم الجرعتين من لقاح أسترازينيكا، وتلقى آخرون الجرعتين من لقاح فايزر-بيونتك، في حين تلقت المجموعة الثالثة جرعة من أسترازينيكا ثم كانت الجرعة الثانية من فايزر-بيونتك. وأجرى الباحثون مقارنة بشأن قوة الاستجابة المناعية للمشاركين في التجربة بعد تلقيهم الجرعة الثانية من اللقاحات بأسبوعين.

وأوضحت سيستر "لم ننظر فقط في أعداد الأجسام المضادة ضد فيروس كورونا التي تطورت داخل أجسام المشاركين، وإنما أيضا في فعالية ما يطلق عليه الأجسام المضادة المعادلة". وأضافت "هذا الأمر يخبرنا بمدى قدرة هذه الأجسام المضادة في منع الفيروس من الدخول إلى خلايانا".

وفيما يتعلق بتطوير الأجسام المضادة، فقد ثبت أن التطعيم بجرعتين من لقاح فايزر والتطعيم باللقاح المختلط بين أسترازينيكا وفايزر أكثر فعالية بشكل ملحوظ من التطعيم بجرعتين من لقاح أسترازينيكا وحده. وكشفت الدراسة أن الأشخاص الذين حصلوا على لقاح مختلط أنتجوا أجساما مضادة أكثر بعشرات الأضعاف عن الأشخاص الذين حصلوا على الجرعتين من لقاح أسترازينيكا.

وقالت سيستر إنه بالنظر إلى الأجسام المضادة المعادلة، فإن نتائج إعطاء مزيج من لقاحين متطابقين "كان أفضل قليلا" حتى من إعطاء جرعتين من لقاح بيونتك. يشار إلى أن السلطات الصحية توصي بأخذ الجرعة الثانية من لقاح الجرعة الأولى نفسه.

التطعيم المختلط لم يوص به بعد

ورغم أن النتائج الأولية واعدة، فإن منظمة الصحة العالمية لا تزال توصي بعدم الخلط بين اللقاحات المضادة لفيروس كورونا. وقالت المتحدثة باسم الصحة العالمية مارغريت هاريس إنه لا توجد حتى الآن بيانات كافية لتقييم وحسم ما إذا كان هذا النهج الخاص باللقاحات المختلطة آمنا للصحة.

 ما دور المناعة الطبيعية في الوقاية من كورونا؟

أظهرت دراسات أن المناعة الطبيعية منتشرة بشكل كبير، وتستمر لوقت طويل. وإذا كنت قد أصبت سابقا بفيروس كورونا، فإن جرعة واحدة من اللقاح تكفيك.

وقال البروفيسور مارتي ماكاري، في تقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" (Wall Street Journal)‏ الأميركية، إن الأخبار بشأن الوباء في الولايات المتحدة تبدو أفضل من أي وقت مضى، إذ إن حوالي 80% إلى 85% من البالغين الأميركيين يتمتعون بالحصانة ضد الفيروس، حيث إن 64% منهم تلقوا على الأقل جرعة واحدة من اللقاح، وأولئك الذين لم يتم تلقيحهم بعد، نصفهم تقريبا يتمتعون بمناعة طبيعية بسبب إصابتهم سابقا بالعدوى.

وأضاف الكاتب أن هناك أدلة علمية قوية وكثيرة على فعالية واستمرارية المناعة الطبيعية، ولذلك فإن مسؤولي الصحة في دول العالم يجب أن يهتموا بهذا الموضوع. وخضع حوالي 10% فقط من الأميركيين لاختبار فيروس كورونا وجاءت نتيجته إيجابية، ولكن 4 أو 6 أضعاف هؤلاء ربما يكونون قد أصيبوا به.

وبينت دراسة علمية نشرت في فبراير/شباط الماضي في مجلة نيتشر (Nature) واعتمدت على فحص الأجسام المضادة لدى السكان في أواخر الصيف الماضي، أن العدد الحقيقي للمصابين كان 7 أضعاف عدد من خضعوا بشكل رسمي لاختبار جاءت نتيجتها إيجابية.

وأجريت دراسة مماثلة في قسم الصحة العامة في نيونيورك، شملت الشهر الأول فقط من تفشي الوباء، وبينت أن 23% من سكان المدينة يحملون الأجسام المضادة، وهي نسبة بالتأكيد تزايدت بمرور الوقت.

وأفاد الكاتب بأن مساهمة المناعة الطبيعية يجب أن تستغل لتسريع وتيرة العودة للحياة الطبيعية. وبما أن هنالك أكثر من 80% من البالغين يتمتعون بالحماية ضد الإصابة أو نقل الفيروس، فإن كورونا على الأرجح لن تنتشر من خلال الانتقال من شخص لآخر.

وأضاف الكاتب أنه في مجال الصحة العامة يسمى هذا مناعة القطيع، وهو مفهوم تم تعريفه بأنه "عندما تكون غالبية السكان تتمتع بالمناعة. وهو لا يعني القضاء على الفيروس إلا أنه سلاح فعّال".

وبشأن السؤال عن حاجة المصابين سابقا للتلقيح، يرى هذا الكاتب والطبيب أن النصيحة الأفضل بالنسبة للمرضى الذين يتمتعون بصحة جيدة ومناعة طبيعية هو أن جرعة واحدة من اللقاح تكفي، وحتى تلك الجرعة قد لا تكون ضرورية، رغم أنها قد تعزز مدة المناعة على المدى الطويل.

هذا بالطبع هو رأي الكاتب، ولكن لاتخاذ القرار الصحيح بالنسبة لك راجع طبيبك والسلطات الصحية في بلدك.

 

 طفرة إي 484 كي

في مقاله الذي نشرته صحيفة "لو باريزيان" (le parisien) الفرنسية، يذكر نيكولاس بيرود أنه في الوقت الذي تنصب فيه جميع الأنظار على سلالة "دلتا" لفيروس كورونا التي ظهرت في الهند، تبث بعض السلالات الأخرى نفس القدر من الرعب، على وجه الخصوص السلالات التي تحمل طفرة "إي 484 كي".

يبلغ عدد هذه السلالات المتحورة المقلقة 10. صنفت 3 من بينها -وهي سلالة "بيتا" التي اكتشفت في جنوب أفريقيا، وسلالة "غاما" المكتشفة في البرازيل، وسلالة "ألفا" البريطانية التي اكتسبت طفرة "إي 484 كي" الشهيرة- بالمثيرة للقلق. مع العلم أن القائمة لا تضم سلالة "دلتا" التي اكشتفت في الهند.

يبيّن الكاتب أن "إي 484 كي" وهو الاسم الذي يطلق على هذه الطفرة، يعني أن الحمض الأميني عدد 484 لبروتين السنبلة "سبايك" (Spike) للفيروس قد تغيّر عندما تكاثر الفيروس. وتعليقا على ذلك، أفادت الصحة العامة الفرنسية بأنها تتابع هذا الانتشار بحذر، لأن "إي 484 كي" يمكن أن يقلل من فعالية اللقاحات في حالة الإصابة بأحد السلالات المتحورة.

علاوة على ذلك، فإن الأشخاص الذين أصيبوا في وقت سابق بفيروس كورونا، ليسوا في مأمن من الإصابة بالسلالات المتحورة، ذلك ما أثبتته إعادة الإصابة بسلالة "بيتا" أو "غاما"، التي تم تسجيلها في بداية العام الجاري.

من جهته، أفاد رافي غوبتا أستاذ علم الأحياء الدقيقة السريرية في جامعة كامبريدج (University of Cambridge)‏، بأن هذه الطفرة "هي الأكثر إثارة للقلق".

في الوقت الحالي، صرحت الصحة العامة الفرنسية والمركز المرجعي لأمراض الجهاز التنفسي التابع لمعهد باستور (Institut Pasteur)‏ عقب تحليله الأخير للمخاطر، بأن العديد من البيانات المختبرية تثير مخاوف بشأن انخفاض فعالية اللقاحات أو مناعة ما بعد العدوى.

ونقل الكاتب عن ستيفان كورسيا ميفر المحرر الطبي لصحيفة "فيدال" أنه "من الواضح أن هذه الطفرة الوحيدة القادرة على إحداث مقاومة نسبية للمناعة دون الإضرار بالفيروس، إما عن طريق تقليل العدوى وإما عن طريق إعاقة قدرته على التكاثر".

 

ما أبرز آثار كوفيد-19 المستمرة في صفوف المراهقين؟

بعد عدة أشهر من الإصابة بكوفيد-19، يشكو المراهقون من أعراض مستمرة تتمثل بالأساس في الشعور بالإرهاق وصعوبة في التركيز والدوار.

وفي التقرير الذي نشرته صحيفة "لا كروا" (la-croix) الفرنسية، نقلت الكاتبة جان فرناي عن الدكتور علاء غالي -أحد المتخصصين في متلازمة التعب المزمن التي تتشابه مظاهرها مع أعراض مرض كوفيد-19، ويعمل هذا الطبيب في المستشفى الجامعي أنجيه- أنه لاحظ أن بعض الأعراض تعود بانتظام، لا سيما عدم تحمل الوقوف والإرهاق بعد التمرين. ولخص غالي حديثه بأن "الجهد البدني أو النفسي الذي قاموا به من قبل أصبح مستحيلا".

وأورد غالي من ناحية أخرى أن "استمرار هذه المشاكل يمكن أن يؤدي إلى مشاكل نفسية، حيث تؤثر مخاوف الوالدين، التي غالبا ما تكون قوية للغاية، على معنوياتهم".

في بعض الأحيان، لا يحتاج هؤلاء المراهقون وعائلاتهم سوى أن يسمعهم الآخرون. من جانبها، أكدت الدكتورة آن بيرين، وهي طبيبة أطفال في وحدة المراهقين في المستشفيات الجامعية في جنيف بسويسرا، "بالنسبة لهم، يبعث ذلك على الارتياح".

وشاركت بيرين في إنشاء فريق استشارة قبل أسابيع قليلة مخصص لطب الأطفال المصابين بكوفيد-19.

وتابعت الدكتورة حديثها قائلة "في الوقت الراهن، استقبلنا حوالي 20 مريضا. ومن الواضح أن هذه المشاكل لا تهم أغلب المراهقين، بل بعيدة كل البعد عن ذلك. ونظرا لمجرد وجود نقص في البيانات لا يعني أنه لا ينبغي عليك محاولة مساعدتهم. من جانبهم، يعاني بعض المراهقين من إعاقة شديدة بسبب هذه الأعراض، التي غالبا ما يكون لها تأثير كبير على تعليمهم".

المصدر : الجزيرة + دويتشه فيله + الصحافة الفرنسية + لوباريزيان + وول ستريت جورنال