لكل لاجئ سوري حكاية خاصة تخنلف عن حكاية الآخر، لكن معاناتهم تتشابه فلا تكاد تتحدث مع أحدهم حتى تنكشف لك هذه المعاناة مرتسمة على وجوه الصغار قبل الكبار. من بين هذه الحاكايات: حكاية زينب وجمعة اللذين قذفت بهما ظروف الحرب ليجوبا الآفاق ثم يستقر بهما المقام متسوليْن في العاصمة الموريتانية نواكشوط.
زينب الثلاثينية كانت قبل الثورة السورية تعيش بأمن وأمان ربة منزل تمارس أعمال الخياطة في ريف دمشق بسوريا، فيما كان زوجها جمعة صاحب محل للخردوات.
تقول زينب وجمعة إنهما صبرا رفقة ابنتهما الوحيدة قرابة العامين في ريف دمشق أملا في انفراج الأزمة وسط القصف بالقذائف والبراميل المتفجرة، قبل أن يقررا النزوح مع دخول الثورة عامها الثاني.
أولى محطات النزوح كانت مدينة تعز اليمنية التي وصلاها لاجئين بعد رحلة جوية بين دمشق وصنعاء، حيث مارسا بيع بضائع خفيفة ثم أنشآ محلا للأكسسوارات، إلا أن اشتعال الحرب الدائرة في اليمن قوض حلم هذه العائلة بالعيش بعيدا عن نيران الحروب.
موريتانيا كانت وجهة هذه الأسرة السورية بعد 15 يوما قضتها في مدينة نجران السعودية ومنها إلى تركيا ثم نواكشوط التي وصلاها كلاجئين، رغم أنهم لم يستلموا حتى الآن أوراق اللجوء بعدما أنهوا إجراءاته، كما يقولون.
ستة أشهر التي قضتها هذه الأسرة حتى الآن في الأراضي الموريتانية كانت كافية لاكتشاف غلاء الأسعار والإيجار بنواكشوط ـ حسب زينب ـ وهو ما جعل معاناتهم تزداد.
لكن زينب بصبرها حاولت كسر كل الصعاب بعد أشهر من التسول وبيع الزهور الاصطناعية على جنبات الطريق الرابط ما بين ملتقى طرق مدريد وملتقى تنسويلم أملا منها في مساعدة زوجها جمعة الذي يكد هو الآخر في بيع معدات خفيفة بحثا عن ما يوفر له ولزوجته وابنته لقمة العيش.
لم تترك زينب بالكامل ممارسة التسول الذي انتقلت من بعده إلى عملها الحالي رغم بساطة البضاعة، فهي لا تزال تمد يدها بين الفينة والأخرى طلبا للعطاء من المحسنين علّ ذلك يعينها على العيش في بلد تؤكد هي وزجها عدم علمهما به قبل إقناعهما من طرف سوريين قدموا إليه قبلهم، فهل عاقبهم هذ البلد بجهلهم له بأن جعلهم يعيشون المعاناة بعدما فروا إليه من جحيم الحروب؟!
عشرات اللاجئين السوريين بدأوا في الوصول إلى موريتانيا قبل سنوات، هربا من الحرب وبحثا عن العيش الكريم؛ حيث عرفتهم شوارع العاصمة نواكشوط وبعض مدن الداخل الموريتاني يمارسون التسول ابتداء من أواخر العام 2013م، كما عمل العديد منهم في مهن وحرف مختلفة؛ ولكل منهم حكاية خاصة..
الاخبار