البشام الإخباري ( مكتب كيهيدي ) تعتبر مهنة الصباغة موهبة تتفتق فيها الأذهان عن تفاصيل من الزركشة والتنوع في خياطة الملابس النسائية الأشهر في البلاد وتتوارثها أجيال اليوم في مدينة كيهيدي عاصمة ولاية كوركول بكل فخر واعتزاز حتى أصبحت تعرف بعاصمة الألوان الزاهية لما تسطره سيداتها من عبقرية فذة تجسد موهبة حباهن الله بها وهو ما جعل هذه البضاعة المحلية رائجة في عدة مدن أخرى .
وتشتهر هذه المدينة بجودة صباغتها المتميزة بألوان وأشكال مختلفة تشكل طابعا خاصا صار ماركة معروفة لدى من يهتمون بهذا المجال .
وتدل الأسواق و الشوارع المزدحمة بمروجي الملاحف على تعدد المشتغلين في فن الصباغة والتطريز من النسوة، مما جعل سوقها وجهة مفضلة من شتى الولايات وخاصة العاصمة نواكشوط لشراء الملاحف متنوعة الاشكال والتصاميم والزخرفة وبتسميات متعددة لافتة تأخذ رواجها أحيانا من أحداث وطنية ودولية مستجدة .
وتحظى ملاحف كيهيدي برونق لامع مما جعلها محل اهتمام كبير في هذه المدينة وتعد الصباغة العامل الأساسي الذي ترتكز عليه هذه الميزة ذات الشكل واللون الفريد من نوعه، وتوفر النسوة معيلات الأسر منذ عقود عينات من الملابس متعددة الألوان في سوق المدينة تؤمن من خلالها ظروف عيش ملائمة .
وفي هذا الإطار تقول ، إحدى الرائدات في هذا التخصص تزاول هذه المهنة منذ نعومة أظافرها إنها السيدة: فاطمة تانجا، التي تقطن في حي گتاگه وقد ملأت الدنيا وشغلت الناس في مجالها لإتقانها وجودة عملها وسرعة تنفيذها لطلبات الزبناء .
قررت السيدة فاطمة تانجا لظروف معينة أن تساعد والدتها في ممارسة هذه الحرفة لتوفيرها دخلا يوميا معتبرا تستطيع من خلاله أن تدخل معمعان الحياة وتحدياتها المختلفة قبل أن تستقل في هذا المشروع بنفسها بعد اكتساب المهارات والخبرات من خلال سنوات من المثابرة والتعلم والانصات بعناية لتوجيهات أمها الخبيرة المتمرسة في هذا الفن.
وبالرغم من صعوبة الظروف والتحديات التي واجهت خبيرة الصباغة فاطمة تانجا إلا أنها كسبت الرهان وانطلقت بقوة تقتحم الصعاب لتحقيق أهدافها، ولئن كانت في بداية مسيرتها المهنية تنطلق بعدد قليل من أصناف الملابس النسائية والرجالية؛ فقد صعدت بشكل لافت لتملأ شهرتها الآفاق وتنطلق بقوة في منافسة شريفة مع قريناتها في المهنة بمختلف أحياء المدينة المترامية الأطراف .
وأوضحت، أن الطلبات في منتصف المشوار ظلت تتزايد عليها شيئا فشيئا لأن الألوان تمنح الملابس رونقا جديدا ولمعانا باهرا وهو ما يزيد الإقبال عليها لما تتحلى به من مواصفات جمال طافح .
وأكدت انها تحدت كل العوائق الماثلة أمامها وأصرت على تحقيق طموحها الأساسي المتمثل في الحرص على كسب قوت حلال من عرق الجبين لأسرتها التي هي عمادها الرئيسي، مطالبة السلطات بدعمها ماديا في هذه المهنة التي تلعب دورا هاما في إنعاش السوق وتشجيع رائدات هذا المجال على المزيد من الانتاج والفاعلية، مؤكدة أن مجال الصباغة يعتبر حقلا خصبا حيث يوفر الكثير من فرص العمل للنساء القائمات على التدبير المنزلي .
وفي لقاء مع بعض زبائن السيدة فاطمة تانجا أشادت السيدة: بنت محمد بخبرة هذه السيدة وتميزها ودقة التزاماتها، مؤكدة أنها تعرفت عليها قبل سنوات حيث سلمتها طلبيات عديدة في ظرف قياسي رغم ما تتطلبه مرحلة الخياطة من التركيز والتفنن في الابداع .
وبدورها ثمنت السيدة روكي صال ، إحدى تاجرات الملاحف، الدور الذي تقوم به هذه السيدة التي ظلت تخدم زبنائها بكل صدق وأمانة مع براعتها اللافتة التي صارت ملهمة لكوكبة معتبرة من النسوة في المنطقة .
ومن جهتها قالت السيدة رامتا صو إن الصباغة حرفة فنية رائجة بكيهيدي لذلك يصعب أن يحصل فيها التميز إلا بعبقرية خاصة و بلمسات إبداعية معينة وهو ما برزت فيه السيدة فاطمة تانجا وحصلت من خلاله على حظوة خاصة حتى صارت بمثابة معلمة ملهمة للعاملات بهذا المجال .
وفي السوق المركزي بكيهيدي تمتد طوابير طويلة لعرض الملاحف في واجهة الشارع الرئيسي وسط إقبال كبير من تجار الجملة ممن يرغبون في تسويق هذه البضاعة في العاصمة ومختلف مناطق الوطن نظرا للمكانة الخاصة التي تحتلها “صباغة كيهيدي” كعلامة تجارية مميزة ومشهورة لدى المشتغلين في هذا المجال .