حين أدخل الخطاب القومي العروبي نفسه والعربية والبلد في مأزق جراء رهاناته الإكراهية على فرض التعريب بالنار واللهيب راودت بعض قطاعاته فكرة خلاصتها دعونا نحاول جر الإسلاميين معنا إلى المأزق على طريقة علي وعلى أعدائي.
هنا بدأ التأكيد على البعد الحضاري وعلى المشتركات الثقافية وما شابه، وهو ما كان كافيا لجلب قطاعات من الإسلاميين تجنح بطبعها للبحث عن المسترك وتلك خصلة ايجابية نحتاجها مع كل شركاء الوطن والقوميون منهم، لكن هل من بين هذه المشتركات الموقف من القضية اللغوية...؟
مع كل التقدير الواجب لكل وجهات النظر داخل الساحة الإسلامية بله داخل ساحة الوطن كله اعتقد أن الاختلاف كببر وجوهري بين الموقف الإسلامي من القضية اللغوية والموقف القومي منها.
إن موقف الإسلاميين من القضية اللغوية كما أعرفه وأفهمه : - ينطلق أولا من رؤية إيمانية تعتبر اللغات كلها ءايات من آيات الله تستوي في ذلك العربية والصينية والفرنسية والمالاوية والانجليزية...
- ويتأسس ثانيا على أن رسالة الإسلام ليست رسالة قوم ولا عرق ولا لون بل هي رسالة الله الخاتمة للعالمين كلهم عربهم ورومهم وفرسهم وكردهم وزنجهم.....
- ويتنزل ثالثا هنا في الحالة الموريتانية على أن هذا البلد متعدد اللغات والأعراق والألوان، مع ميزة جوهرية وهي أن كل ساكنته مسلمون كل اللغات المتحدثة فيه لغات إسلامية لذا نعتقد أن المقاربة اللغوية فيه ثلاثية الأبعاد:
- ركنها الأول اللغة العربية باعتبارها لغة قرءان وسنة شرفها الله بذلك وحفظ لها به مكانة باقية جزء من حفظ ومكانة القرءان العظيم.
- وركنها الثالث البولارية والصوننكية والولفية باعتبارها لغات إسلامية أصيلة راسخة الجذور في العلاقة بالإسلام وفي التشبع بقاموسه ومعانيه ومشاعره وأحاسيسه.
- أما البعد الثالث فهو الفرنسية بصفتها أولا لغة من لغات العالم يعني ذلك كما قررنا سلفا أنها ءاية من ءايات الله، وبصفتها ثانيا لغة جزء معتبر من أمة الإسلام اليوم؛ يعبد الله بها اليوم عشرات الملايين بل ربما مئات الملايين هنا في إفريقيا وهناك في أوروبا الغربية وفي كندا، وبصفتها ثالثا- وهذه هي الأهم - لغة مشتركة مع مكونات وطنية أصيلة اضطرت تحت رفض العسكر ترسيم لغاتها لاعتبار الفرنسية لغة دراسة وعلم وعمل في انتظار أن يجنح شركاء الوطن إلى توبة نصوح يقلعون فيها عن جرم قطع رحم العربية مع أخواتها البولارية والسوننكية والولفية ويحسن خلالها إيمانهم بتعددية هذا البلد واختلاف ألسنة وألوان ساكنته.
أحمد الوديعة