في السياسة تختفي حدود الممكن ، وتتشابك مع المتاح لتتضافر منظومات زئبقية تارة ، ولكنها قد تكون واضحة المعالم بوضوح المنطلقات وسلامة الأدوات ونبل الهدف وصقل الرؤى والتصورات ، وهو ما يفتقده الكثيرون اليوم في بلادنا لتغول الهواة ، وتمكن المسترزقين بالرأي والولاء ، الذين فقدوا التحكم في بوصلة المشهد لتهالك أطروحاتهم ، وتهافت استدلالاتهم وترنح خطابهم بين التقليدية والسطحية ، والمباشرة والمغالطة ، فانكشفوا لأتباعهم قبل مناوئيهم , وسقطوا في قيعان البساطة والخفة .
ألم تكن المعارضة الموريتانية في السنوات الماضية تأخذ على النظام بل على الدولة الاحتفاظ "غير المقنع" بالمؤسسات التي يقترح التعديل الدستوري الأخير إلقاءها أو دمجها ؟ !! كم مرة تهجموا على مجلس الشيوخ والمجلس الاقتصادي والاجتماعي ومؤسسة وسيط الجمهورية والمجلس الإسلامي الأعلى و...، واعتبروها |" ابزازيل أغجل" وفق تعبير أحدهم ؟ !!.
أم أن أصحاب التنظير في هذه المعارضة يحلون ويحرمون وفق الأجندات المترتبة على مخالفة ما تتقدم به الحكومة ، التي تمتلك أغلبية مريحة في مجلس الشيوخ أكثر من تلك التي تملك في مجلس النواب ؟ !! وهي أغلبية تمتلك القدرة والطاقة الكافية ليكون أفرادها قادة في أي مشروع سياسي آخر لا يوجد فيه مجلس شيوخ ، لأنهم من خيرة سياسيي البلد ومناضليه ، ولهم باع طويل في الحكمة وتوخي المصلحة العامة .
لا أعتقد أن الشيوخ الحاليين يربطون مستقبلهم السياسي بمجلس الشيوخ –كما يروج له البعض هذه الأيام- وليسوا ممن تعطى لهم دروس في السياسة لأنهم أهلها ، وأعرف أنهم يعرفون أن حل مجلس الشيوخ لا يستهدف أشخاصهم ولا مصالحهم ، لأنهم غير مخلدين فيه ، أطال الله في أعمارهم ، ولكن ما لا أفهم هو وجود بعضهم ينصت لكلام سياسيين يعرفهم ، ويعرف موقفهم منه شخصيا ، وهو سوف يتذكره عندما ينتهي الاقتراع وتمرير التعديلات الدستورية ، وهو يعرف كذلك موقفهم من الوطن والمواطن ومواقفهم التاريخية من قادة البلد ورموزه ، واستياءهم من برنامج مكافحة الفساد و....!.
هي لحظة تاريخية تنتظر هذا المجلس الموقر ليساهم من موقعه في تثبيت أساس بناء موريتانيا المستقبل ، وهي لحظة سوف يتذكرها الموريتانيون إلى الأبد , وسوف تتكلم عنها الأجيال ، حين تتحدث عن الزعماء والساسة , وأرباب التضحية في هذا الوطن العظيم .
سيداتي ولد سيد الخير
[email protected]