بقلم عبد العزيز ولد غلام كاتب صحفي
الحلقة الأولى ( مقاطعة مقطع لحجار )
شكلت التعيينات اليوم الخميس في أعقاب اجتماع الحكومة أنه ثمت توجه جديد لإعادة الاعتبار لمجموعات سياسية محلية تدور في فلك الحيز لجغرافي البركني على مستوى مقاطعات الولاية الخمسة في شكل توزيع لاكراميات الكعكة السياسية المحلية دون مراعاة توزنات الطيف السياسي المحلي في الولاية , ذالك أن هذه التعيينات التي حظيت منها ولاية لبراكنه بمناصب ثلاثة أمناء عامون لوزارات الداخلية واللامركزية ووزارة التجهيز والنقل ووزارة الطاقة والمعادن يبدوأنه لم يأتي من فراغ من خلال إعطاء بعد ريادي لمجموعات السياسية في الولاية أوشك دورها أن يتقلص إلى حد كبير , إلا أن عامل الوقت وتسييف العمل السياسي ربما يكون أعاد لهذه المجموعات المياه إلى مجاريها رغم قوة الاستقطاب السياسي الذي خلق جوا من التنافس ومحاولة عرض عضلات الولاء السياسي للنظام .
وسنحاول من خلال تعيينات اليوم إعطاء روية تحليلية عن تجليات توزيع الكعكة السياسية ومستقبلها وتطوراتها بصورة موضوعية عن الولاية بصفة عامة ومقاطعات ألاك وبوكى ومقطع الحجار بصفة خاصة حيث تتوزع الكعكة بينها في أربع حقائب وزارية وأربع أمناء عامون حيث (وزارة الدفاع والوزارة المنتدبة لدى وزير الخارجية المكلفة بالموريتانيين في الخارج والأمين العام لوزارة الطاقة والمعادن من سكان مقاطعة بوكى ) ( وزارة التجهيز والنقل والأمين العام لوزارة الشباب والرياضة والأمين العام لوزارة الداخلية واللامركزية من سكان مدينة ألاك ) (وزارة المالية والشؤون الإقتصادية والأمين العام لوزارة التجهيز والنقل والأمين العام لمنظمة استثمار نهر السنغال من سكان مقطع لحجار) ماهي القراءة التحليلية لهذا التوزيع ؟ فهل ينم عن تجديد في الطبقة السياسية في الولاية أم هو توجه من النظام إلى رد الاعتبار لبعض المجموعات السياسية التي كادت أن تفقد توازنها السياسي وإعادة الاعتبار لها خاصة في وجه تنظيم الانتخابات البلدية والنيابية والمجالس الجهوية ؟ هل يعتبر هذا التوزيع طبيعيا إذا ما نظرنا إلى الولايات الأخرى الخمسة عشر
إن المتتبع للشأن السياسي البركني وتطوراته وتجلياته يلاحظ أن هناك اهتماما خاصا من طرف رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز بهذه الولاية التي منحها أكثر من غيرها من ولايات الوطن بنصيب أوفر من غيرها من ولايات الوطن حيث تشمل الحكومة 32 حقيبة وزارية موزعة على 15 ولاية هذا إذا ما نظرنا إلى بعد التوازن الإقليمي الجهوي فهل ستحظى الولاية بأربع حقائب وزارية منها وزارتيي سيادة وأربع أمناء عامين ,
أخي القارئ إن هذا النصيب من الكعكة الحكومية اعتقد أن مرده هو مجموعة من المكانيسمات والتجانسات التي تحظى بها ولاية لبراكنة والتي منها استرايجية الموقع الجغرافي والكثافة السكانية (310000) والقوة السياسية والمكانة الثقافية والتاريخية والتجانس الفئوي ,هذه العوامل مجتمعة قد تكون مردا لان تحظى ولاية لبراكنة بهذا النصيب الهام من الكعكة الحكومية .
إن النظام الحالي يسعى على خلق نظام الجمهورية الثالثة والتي بدأت معالمه تتجسد انطلاقا من تعديل الدستور وتغيير العلم الوطني والنشيد الوطني مرورا بتعديلات في أوراق العملة الوطنية وانتهاء بإنشاء المجالس الجهوية .
هذا السعي يفرض على النظام الحالي الدخول في مغامرة سيزيفية كما تقول المعارضة في منطقها السياسي إلى خلق ديناميكية لخلط لأوراق من أجل تثبيت أركانه للمأمورية الثالثة على حد وصفها , لكن هذا الاتهام وإكراهاته جعلت النظام يلجأ إلى أسلوب التبرير لمواقفه عن طريق الثقل السياسي والولاء الشعبي القوي لهذه السياسات والتوجهات مستخدما لذالك كل وسائل الإغراء بما فيها منح الصفقات والتعينات في المناصب السياسية بغض النظر عن الكفاءة والرجل المناسب في المكان المناسب , متجاهلا تماما السير المهنية والفضائح والجرائم المالية والتلاعب بمصالح المواطن وغير ذالك مما لا يخدم مبدأ المواطنة وبالتالي لايمت بصلة إلى الترقيات والتعيينات في المناصب العليا بل مفارغ لمبدإ مكافحة الفساد الذي يعتبره النظام شعارا له .
إن ولاية لبراكنه تتشكل من قوى سياسية حية يظل البعد القبلي أقوى لجلب الولاء للأنظمة بفعل نفوذ الزعامات التقليدية إلى جانب وجود لوبيات تبحث عن مكانها تحت الشمس معززة ببطر النظام الذي سخر لها خزائن الأرض من أجل تحقيق مآربه وبرامجه السياسية ,وهنا أقف عند هذا الحد من التفاصيل التي لا أريد الخوض فيها
إن ولاية لبراكنة تتشكل أساسا قوتها السياسية في ثلاث مقاطعات هي مقاطعة الاك وبوكى ومقطع الحجار وهي المقاطعات التي تتواجد بها قوى سياسية نافذة تقوم على بعد قبلي محض للصراع السياسي في الولاية وهذه المجموعات هي التي حظيت بنصيب أوفر من الكعكة الحكومية على حساب مجموعات أخرى كان لها الحق هي الأخرى إن تجد ذاتها من خلال تلك الكعكة وإن كانت قد شاركت في دعم توجهات النظام وعرضت حضورها وسجلت تأييدها وولاءها لكن قوة الاستقطاب والهيمنة حرمتها من ذالك رغم أهليتها لذالك خاصة بعض المجموعات القبلية في مركز مال الإداري ومجموعات قبلية وازنة في بلدية بوحديدة وكذالك بعض المجموعات القبلية في مقاطعة بابابي ,
إن القارئ لهذه التعيينات التي جرت والتي عين خلالها ثلاثة أمناء عامون في اجتماع واحد لوزارات الداخلية واللامركزية والتجهيز والنقل والطاقة والمعدن تجعل من الحري بنا أن نستشف أن الهدف منه تحريك بوصلة النظام اتجاه بعض المجموعات التي كانت متذمرة من نصيبها من كعكة التعيينات من أجل استرضائها هي الأخرى والتي لم تكن من المؤيدين تماما للشخصيات القوية الموالية للنظام (الوزيرين المختار ولد اجاي ومحمد عبد الله ولد اوداع )حيث يرى البعض أن المهندس سيد احمد ولد ابراهيم المعين أمينا عاما لوزارة التجهيز والنقل لم يكن مواليا للمختار ولد اجاي وزير المالية حيث كانت مجموعته السياسية القوية التي تضم شقيقه محفوظ ولد ابراهيم أول مدير تجاري لشركة موريتل كانت تنأى بنفسها للرضوخ والولاء للوزير ولد اجاي الذي يعتبره البعض الرجل السياسي القوى في مقاطعة مقطع الحجار والمهيمن سياسيا في كل المجموعات القبلية في مقاطعة مقطع الحجار حيث كانت مجموعة أولاد ابراهيم في مقطع لحجار حيادية ومعتدلة في مواقفها بين الطيف السياسي في المقاطعة دون أن تنزلق حسبما يقولون في أدران الولاء لولد اجاي الذي يرأس تيار تحالف البلديات على حد وصف تيار الوفاء المناوئ حيث تأتي هذه اللفتة كسابقتها في تعيين ابراهيم الخليل ولد احميادة قبل شهرين على رأس الأمانة العامة لمنظمة استثمار نهر السنغال وهو احد أبناء مقاطعة مقطع الحجار المناوئ للوزير المختار ولد اجاي والذي كان يرأس حلف الوفاء .
فهل هذا الدعم بداية قلب الموازين الذي يحركه النظام وبالتالي عزوفه عن خدمات ولد اجاي أم هو مجرد إشراك بعض القوى الحية لتعزيز الولاء الشعبي في مقاطعة مقطع لحجار وليس على حساب الثقة في الوزير ولد اجاي ,
هذه الأسئلة وغيرها ستجيب عنها تطورات المشهد السياسي في مقاطعة مقطع لحجار خلال الصيف السياسي الساخن المقبل .
الحلقة الثانية عن مقاطعة الاك حول تداعيات هذه التعيينات وقراءة مدعومة بملفات إعلامية شاهدة على الواقع