تنتشر ظاهرة الزواج المبكر في القاعدة العريضة من المجتمع الموريتاني ،وللظاهرة جذور عميقة في الثقافة الشعبية التي تعتبر زواج الفتاة في سن مبكرة مدعاة للفخر لدى الفتاة وأهلها ،ومع تغير الظروف الزمنية وظهور سلبيات عديدة لزواج القاصرات بدأت الدولة تسن القوانين للحد من الظاهرة كانت أولها في العام 2002 ضمن مواد مدونة الأحوال الشخصية، حيث تم تحريم زواج الفتيات تحت سن 18 الا في حالة استثنائية ترك القانون فيها ثغرة سهلة الولوج من طرف الاسرة، حيث استثنت من القاعدة الفتاة التي تظهر رغبتها في الزواج تحت تلك السن وترك فيها التقييم للقضاء ..كما ان المادة القانونية لم تفعل، ولم تصحب برقابة حقيقة ومتابعة من طرف السلطات، ولذا لم تضع حدا للظاهرة في الوقت الذي استمرت فيه منظمات المجتمع المدني ترصد حالات الزواج المبكر وأضراره الجمة التي جعلت منه عائقا حقيقيا في وجه التنمية الاجتماعية لدولة مازالت تضع أسسها التنموية وتعول كثيرا على المصادر البشرية فيها .
وفي موريتانيا يعتبر معدل زواج الأطفال مرتفعا نسبيا حيث تشير مؤشرات المسح متعدد المؤشرات 2011 إلى أن 37 بالمائة من الفتيات المتزوجات تزوجن قبل سن 18 سنة و 15 بالمائة تزوجن قبل 15 سنة ،وترتفع هذه الأرقام في الوسط الريفي حيث تصل17 بالمائة تزوجن قبل سن 15 سنة وحوالي 41 بالمائة قبل 18 سنة بحسب تقرير الحملة الافريقية لمحاربة زواج الأطفال الّتي تشير إلى أن أفريقيا تأوي 30 من أصل 41 دولة تنتشر فيها ممارسة تزويج صغار الفتيات بمعدل 30 في المائة أو أكثر، وتعتبر هذه الممارسة أشد حدة في غرب أفريقيا، مثلما هو الأمر في موريتانيا.
رحمة عشرون سنة تعرضت للتعذيب من طرف زوجها الذي تزوجها قاصرا ويكبرها بعشرين عاما فرت من قسوته مرارا وشكته للقضاء فحكم عليها بالنشوز وأعيدت اليه قسرا فحاولت الانتحار مرارا كان آخرها بحرق الغرفة التي احتجزها فيها أخذها للمستشفى والآن عادت رحمة مرة أخرى للقضاء نفسه عليه ينصفها هذه المرة
فاطمة ابنة 17 ربيعا مطلقة وأم لطفلة تقول فاطمة إن عمتها هي من زوجتها لشقيق زوجها وهي في 14 من عمرها، أنجبت له طفلة بعد سنة من الزواج ثم طلقها ،وكلما طالبته بنفقة طفلتها نكر نسبة الفتاة إليه، لا تستطيع فاطمة المطالبة بحق ابنتها قضائيا حرصا على سمعة أسرتها فيما تفتقر ابنتها لأقل حقوق البشر، أوراقا مدنية وأسم أب كلما نسبت إليه أنكرها .
منظمات المجتمع المدني بدورها لا تفوت الفرصة مع كل حالة للشجب و التنديد، ووضع الدولة أمام مسؤولياتها في القضاء على الظاهرة الصعبة المتشعبة.
سكينة بنت أحمد رئيسة الجمعية الموريتانية لحقوق المرأة والطفل قالت إن "جمعيتنا تركز على الوضع في الريف، فهي المنطقة التي تشهد انتشارا واسعا للظاهرة " تقول سكينة إن حالات عديدة سجلتها الجمعية وحاولت تسويتها وديا ولكنّ الهدف الأساسي هو تدعيم نسبة حضور الفتاة في المدرسة من خلال إيقاف مشاريع تزويج القاصرات .
فيما تذهب رئيسة شبكة التشاور من أجل الدفاع عن حقوق المرأة عزيزة بنت المسلم الى لفت الانتباه إلى المخاطر الصحية التي تتعرض لها الفتاة التي تتزوج في وقت مبكر، مؤكدة على ضرورة إيجاد قانون رادع ومجرم لهذا الزواج باعتباره جناية على الضحية .
على المستوى الحكومي يتحدث المستشار الإعلامي لوزارة الشؤون الاجتماعية ورئيس اللجنة الإعلامية للحملة الإفريقية لمحاربة زواج الأطفال سيدي ولد بيادة عن مشاريع مستقبلية للقضاء على الظاهرة في إفريقيا عموما وموريتانيا خصوصا تتعلق باستصدار قانون في نهاية العام 2015 يتمثل في إطار قانوني خاص بمحاربة العنف ضد المرأة يضع حدا للثغرة الموجودة في مدونة الأحوال الشخصية الصادر في العام 2002 والذي قيد حرمة زواج القاصرات بترجيح مصلحة ترك فيها الاجتهاد للقاضي ويدعم النص القانوني بآليات فعالة تضمن تطبيقه ومراقبته وتنفيذ أحكامه .