البشام الإخباري/ كثر الحديث في الٱونة الأخيرة عن الشراكة بين القطاع العام والخاص كتجربة عرفتها بعض الدول و تبنتها منهجا تنمويا. فهل ستحذو موريتانيا حذو هذه الدول في المأمورية الثانية من حكم فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني؟.
فما هي الشراكة بين القطاع العام و الخاص؟ و ماهو الإطار العملي لمشاريع الشراكة بين القطاع العام والخاص؟ و ماهي سلبيات و إيجابيات الشراكة بين القطاع العام والخاص؟ و ما هي الدوافع و المحفزات لعقد شراكة بين القطاع العام والخاص؟ .
يقصد بالشراكة بين القطاع العام و الخاص تعاقد طويل المدي بين جهة حكومية و جهة من القطاع الخاص لتنفيذ مشروعات أو تقديم خدمات عامة ؛ حيث تتحمل جهات القطاع الخاص بموجب هذا التعاقد جزءا كبيرا من المخاطر و مسؤولية الادارة و تتقاضى الاتعاب بما يتناسب مع أدائها.
و بالاساس تمثل الشراكة بين القطاعين العام و الخاص آلية طويلة الأمد لشراء السلع و الخدمات و يتحمل فيها القطاع الخاص الجزء الأكبر من مخاطر التمويل و التنفيذ لضمان توفير السلعة او الخدمة بشكل فعال و خلال كافة المراحل ؛ بدءا بالتصميم و التخطيط و صولا إلي الصيانة و الدعم طويل المدي.
و عليه يمكن تلخيص الشراكة فيما يلي :
* لا تقوم الحكومة بتسديد أي مبالغ مالية الا بعد انجاز المشروع.
* يتم سداد جزء كبير من التكلفة خلال فترة حياة المشروع و بشرط ان تتم صيانة و إدامة المشروع و فقا للمواصفات المحددة.
* تكون التكاليف محددة منذ البداية و تمتد علي فترة حياة المشروع؛ و لا يترتب علي المستخدمين اي اعباء مالية إضافية في حال تجاوز المشروع كلفته او مدة التنفيذ المقدرة له؛ او أية معوقات أخري تتعلق بأداء المشروع.
فما هو الاطار العملي لمشاريع الشراكة بين القطاع العام و الخاص ؟
يتولي القطاع الخاص كافة او معظم المسؤوليات و المخاطر خلال دورة حياة المشروع و مراحله؛ و بالتالي فإن هذا يشكل حافزا له لتحمل المسؤولية التامة عن نجاح المشروع و تحقيق أفضل النتائج؛ و عليه يكون القطاع الخاص في العادة هو المسؤول الاول عن أي عيوب في التصميم او البناء او الصيانة.
كما يتم تقييم أداء القطاع الخاص و سداد المبالغ المالية المستحقة له بناءا علي أدائه و المخرجات التي يتم تحقيقها و هذا كفيل بتحفيزه لانجاز المشاريع دون تجاوز المدة و الموازنة المخصصة لها. و يتعين علي جهات القطاع الخاص توفير موارد مالية كبيرة لبناء المشاريع؛ و عليه يتولي المقرضون و المساهمون من جهة أخري دورا رقابيا و اشرافيا لضبط الاداء في المشاريع.
و تقوم الحكومة من جانبها بتحديد متطلباتها بشأن نوعية الخدمات و تتيح المجال قدر الامكان للقطاع الخاص لتحديد الطريقة الأمثل لتحقيق هذه المتطلبات.
فما هي سلبيات و ايجابيات الشراكة بين القطاع العام و الخاص؟
تتمثل السلبيات في نقاط نذكر منها :
* توفير الوقت الكافي الإعداد الدراسة وفق نوع المشروع و حجمه و معايير أدائه و تنفيذه.
* التركيز علي العقد النهائي من قبل بعض المنفذين و تجاهل العوامل و التأثيرات الاجتماعية و البيئية المحتملة؛ و بالتالي فان علي الحكومة صياغة الاتفاقيات و العقود بما يكفل فرض آليات رقابة محكمة للحد من هذه التأثيرات.
* يحاول القطاع الخاص تجنب المخاطر الكبيرة و يتوخي الحذر الشديد عند قبوله بمستويات مخاطرة قد تفوق قدراته؛ و بالتالي يمكن ان تنعكس مستويات الخطورة التي يتم الاتفاق عليها عليه ؛ و قد يطالب القطاع الخاص بمساحة تحكم و سيطرة أكبر لعمليات المشروع مقابل تحمله مخاطر إضافية كبيرة .
*يتحمل القطاع الخاص مسؤولية انشاء المشروع و احيانا تقديم الخدمة لكن يبقي القطاع العام هو المسؤول امام المواطن عن الاسعار و مستوي الخدمات المقدمة.
* غالبا ما تكون مشاريع الشراكة طويلة الامد و معقدة ؛ و من الصعب التنبؤ عند ابرام الإتفاقية بكل الحالات الطارئة المحتملة حدوثها مما قد يترتب عليه أحيانا اللجوء الي إعادة التفاوض علي بنود الإتفاقية و علي الحكومة ان تكون مهيأة لذلك.
و أما الايجابيات فهي :
* أن تتيح الشراكة امكانية تمويل المشاريع و الاستفادة من التكنولوجيا و الابتكارات الحديثة لدي القطاع الخاص و تقديم خدمات حكومية أفضل من خلال تعزيز الكفاءة.
* تعزز الشراكة القدرة علي التحكم بالموارد المالية المتاحة من خلال تحديد التكاليف الحالية و المستقبلية اللمشاريع.
* توفر الشراكة للقطاع الخاص المحلي فرصة المشاركة في تنفيذ مشاريع مشتركة مع الشركات الدولية و ابرام عقود فرعية لمختلف الوظائف المساندة مما يساهم في تطوير قدراتها.
* تعتبر الشراكة و سيلة لزيادة مشاركة القطاع الخاص تدريجيا في توفير الخدمات الحكومية بشكل مسؤول.
* تساهم الشراكة في الاستغلال الامثل للموارد العامة المحدودة.
فما هي الدوافع والمحفزات لعقد شراكة بين القطاع العام والخاص؟
هناك دوافع و محفزات عدة تجعل الحكومات تذهب الي هكذا شراكات نذكر بعضها :
* عدم قدرة الحكومة علي انجاز الخدمات او المشاريع المطلوبة لتحقيق خطط التنمية المستدامة من خلال مواردها المالية المتاحة.
* ان يكون القطاع الخاص قادر علي الارتقاء بجودة الخدمات او الاعمال المطلوبة مقارنة مع تأدية تلك الخدمات او الاعمال من قبل الجهات الحكومية بنفسها.
* ان يعمل القطاع الخاص علي تسريع و تيرة تنفيذ الخدمة او المشروع مقارنة بتنفيذ الجهة الحكومية لهذه الخدمة او المشروع.
* خفض الضغط علي الميزانية العامة و إتاحة الفرصة اللحكومة لإدارة السيولة النقدية بكفاءة أكبر.
* رغبة الحكومة في تقاسم المخاطر و العوائد مع الشريك من القطاع الخاص مما يؤدي الي تعزيز مبادئ الحوكمة في كيفية إدارة الموارد بكفاءة و فاعلية.
* تحفيز التنافس بين الموردين من القطاع الخاص بما يؤدي الي خفض تكلفة تقديم الخدمة.
*إمكانية قياس و تسعير الخدمة بسهولة و وجود معايير قياس أداء واضحة و محددة.
* إمكانية استرداد تكلفة الخدمة من خلال تطبيق رسوم يدفعها المستخدم النهائي و خلال وقت قصير جدا.
* تحقيق قيمة أعلي للأموال المستثمرة.
* ان تخلق الشراكة مع القطاع الخاص فرصا لتحفيز النمو الاقتصادي المحلي.
و في الختام يتضح من عرضنا هذا أن الشراكة بين القطاع العام والخاص يمكن ان تكون رافدا معينا يساعد في انسيابية تحقيق أهداف التنمية الكبري .
و يبقي السؤال هل القطاع الخاص في البلد قادر علي شراكات مع القطاع العام و الرفع من النمو الاقتصادي المحلي؟ .
سيداتي حمادي سيدي محمد
مهندس دولة خبير طرق و منشآت فنية عضو للجنة الوطنية لرقابة الصفقات العمومية