
البشام الإخباري / الهجرة غير الشرعية إلى أوربا طموح وحلم يتوق إليه كل الأفارقة في غرب إفريقيا ويحلمون به تتعدد أسبابها كهدف رئيسي بالنسبة لهم وتتحقق به كل الاحلام والطموحات , حيث ان هذا الطموح الذي يتخذ له الأفارقة الكثير من المغامرات والمخاطر ويركبون له امواج البحر في رحلة سيزيفية عبر زوارق بحرية لا تراعي أبسط مقومات الأمان لا من حيث حجم الحمولة ولا التموين ,و ليست مؤهلة لتمخر عباب البحر إلى حيث الشواطى الاربية واحيانا يتخذون لها طرقا أخرى
موريتانيا المعبرالمناسب والمستقر الآمن
تواجه موريتانيا تحديات الهجرة غير النظامية المتزايدة، حيث تحولت من نقطة عبور اولا إلى نقطة ملاذ واستقرار اخيرا للمهاجرين من دول الساحل الإفريقي وجنوب الصحراء في شكل أفواج تشمل التهريب والاتجار بالبشر يسعون للوصول إلى أوروبا. وقد ضغطت أوروبا لتعزيز التعاون في مكافحة هذه الظاهرة، مما أدى إلى اتفاقية مع موريتانيا سنة 2024 تتضمن تمويلًا لتعزيز القدرات الموريتانية في مكافحة التهريب والاتجار بالبشر وإدارة الحدود. وهذا مايتطلب من الحكومة الموريتانية اتخاذ إجراءات تنظيمية وردعية من أجل ضبط المهاجرين المتدفقين حتى يكونوا في وضعية قانونية تسمح لهم بالإقامة والعبور مما يعزز الوضع الأمني ومكافحة الجريمة المنظمة و تهريب المخدرات والاتجار بالبشر
أسباب تزايد الهجرة إلى موريتانيا:
1 / الأوضاع الاقتصادية / شكل تدهور الأوضاع الاقتصادية في دول الساحل والقرن الإفريقي عاملا مهما في نزوح أعداد هائلة من هذه الدول إلى موريتانيا كنقطة عبور أولي ومستقر مرحلي في رحلة الوصول إلى أوربا , كما أن فرص العمل متاحة هنا خاصة في مجال البناء والمنازل واليد العاملة ككل وهو ما يعزز فرصة الحصول على تمويل رحلة المغامرة والعبور عبر الموج عبر أروبا
2/ الأوضاع الأمنية في المنطقة / إن تفاقم الأزمات الأمنية وانتشار المجاعة في منطقة دول الساحل الإفريقي يجعل موريتانيا وجهة جاذبة للمهاجرين ، وملاذا آمنا للنازحين.
3/ الموقع الجغرافي / إن استراتيجية موقع موريتانيا الجغرافي يجعلها بوابة رئيسية للمهاجرين الأفارقة في اتجاه أوروبا، خاصة عبر المحيط الأطلسي وجزر الكناري .
4/ سهولة دخول المنافذ الموريتانية وهشاشة الرقابة إن الحدود الموريتانية رغم طول منافذها مع دول منطقة القرن الافريقي ودول الساحل تبلغ حوالي 2300 كم مفتوحة بشكل تام مما يعزز ويسهل دخول الأجانب بشكل فوضوي إلى الأراضي الموريتانية متخذين لذلك مختلف الوسائل والطرق دون وجود أبسط رقابة والتي من بينها طريقة العبورعبر باصات النقل الكبرى والصغيرة المتنقلة ما بين باماكو والعاصمة نواكشوط التي قد لا تخضع أحيانا للتفتيش الدقيق في وثائق الركاب وبمجرد وصولهم إلي نوكشوط يندس الاجانب المهاجرون إلى اروبا مع المواطنين المحليين ويصبحون جزء من هذا الشعب ,هذا ناهيك عن تلك الأعداد اليومية المهربة و التي يوقفها الدرك والشرطة عن طريق مراكز التفتيش على طريق الأمل , والتي يقومون بإبعادها وإعادتها إلى حيث اتت، والتي تدخل عبر المنافذ الحدودية دون اي ترخيص وبدون وثائق حلمهم الوحيد هو دخول العاصمة انوكشوط التي يعتبرون انه بمجرد دخولها قد قطعوا شوطا هاما من حلم الهجرة واصبحوا آمنين وفرص العمل مفتوحة امامهم يسرحون ويمرحون دون اي تخوف ودون اي تحقيق في الوثائق متخذين من جو الاستقرار والامن فرصة للإقامة , ومن مطية وجه الشبه مع المواطنين الأفارقة المحلين (الزنوج ) في نفس السمات كالبشرة واللغة وغيرها حيث كانوا يتخذون من مقاطعات السبخة والميناء والرياض ملاذا لهم بعيدا عن اعين الأمن الموريتاني خوفا من المطاردة الأمنية للتحقيق في شرعية الدخول والاقامة وهذا ما سبب عاملا خطيرا في انتشار الجريمة المنظمة داخل العاصمة نواكشوط والاعتداء على ارواح وممتلكات المواطنين مستخدمين لذلك المخدرات والاسلحة البيضاء وغيرها
البعد الإنساني عامل لتنامي المهاجرين وإقامتهم
يشكل البعد الإنساني والثقافي عامل كبيرا في تعزيز الهجرة وهذا ما يعرجنا قليلا ‘إلى موضوع الهجرة من موريتانيا وخاصة منها ما يتعلق بالهجرة النظامية التي تحقق العديد من الإيجابيات بالنسبة للدولة الموريتانية. من إيجابيات هجرة الموريتانيين إلى الخارج لا للحصر /
1. المساهمة في تحريك الوتيرة الاقتصادية وتعزيز حركية السوق من خلال التحويلات المالية من طرف الجاليات الموريتانية بالخارج والتي تساهم بشكل كبير في تعزيز الدخل من جهة ومكافحة الفقر من جهة أخرى
2 تعزيز قدرات الكادر البشري في التخصاصات التقنية والتكنولوجية والطبية والإدارية التي تعود بالنفع على الوطن .
3. تعزيز العلاقات الدولية من خلال ما تلعبه الجاليات الموريتانية التي تمثل جسورا ثقافية تعكس عمق الحضارة الشنقيطية . إلى غير ذالك من الإيجابيات
أما سلبيات الهجرة من موريتانيا فإنها عديدة منها على سبيل المثال لا للحصر /
1/ هجرة الأدمغة الفكرية والكفاءات العلمية لضعف التعاطي معهم داخل البلاد كالأطباء والمهنسين التقنيين والمهندسين مما ينعكس سلبا على السوق المحلية وعلى أداء مؤسسات الدولة
2 / التأثير الكبير على التركبة السكانية من حيث الكثافة والتعاطي مع القضايا الوطنية بصفة مباشرة بسبب الغياب المتكرر
اما بالنسبة لتأثيرات البعد الإنساني لاستقبال المهاجرين في بلادنا بغض النظرعن طبيعة الهجرة ونوعها سواء كانت نظامية أو غير نظامية يعتبر عاملا قويا في تعزيز الاستقرار للمهاجرين النازحين ووجود أرضية خصبة لإقامتهم
إن طبيعة الشعب الموريتاني في سلوكه وتعامله وانفتاحه النابعة من قيمه الروحية والأخلاقية شكلت عاملا هاما في تعزيز البعد الإنساني وترسيخ ثقافة قبول الآخر بغض النظرعن هويته وجنسيته حيث كانت عاملا كبيرا في تنامي وتزايد أعداد المهجرين إلى العاصمة وإلى المدن الكبرى مما جعلها تغص بالمهجرين الأفارقة بشكل يبعث على القلق
إن ظاهرة تنامي الأفارقة في العاصمة ا نواكشوط اليوم أصبح يشكل اكبر خطر على الشعب الموريتاني من خلال وجود ظاهرة استيطان للاجانب الأفارقة بشكل ممنهج ومكثف في الوقت الذي يشهد فيه شباب البلاد هجرة متسارعة إلى الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وهذا لعمري بعد سنوات قليلة سيجعل العاصمة نواكشوط عاصمة ومستوطنة للمهاجرين الأفارقة ،حيث أكدت الإحصائيات أن عدد المهجرين الذي دخلوا العاصمة نواكشوط خلال العام 2024\2025 وصل إلى 230 ألف مهاجر من بينهم 30 ألف فقط في وضعية قانونية صحيحة
استشعار الخطر والتحديات الأمنية في العاصمة
إن استشعار الخطر المحدق بسيادة دولتنا اصبح مسألة مطروحة من خلال الإستيطان الممنهج من طرف الأفارقة الذين أصبحوا اليوم يمثلون السواد الاعظم المتحرك الناشط في قلب العاصمة نواكشوط بعد ان استولوا على مقاطعات السبخة والميناء والرياض ودار النعيم التي كانت تمثل اخطر منطقة من حيث تواجد العصابات والاعتداء على ارواح وممتلكات المواطنين ، مما جعل الكثير من المواطنين يطضر لبيع منازلهم والهجرة من هذه المقاطعات التي أصبحت ملاذا للمجرمين ووكرا لانتشار المخدرات والجريمة المنظمة في الوقت الذي تمثل هذه العصابات اليد العاملة في تفرغ زينة ، والمقاطعات الأخرى الحيوية , فحينما يدخل اي مواطن يوميا في المنطقة المحددة ما بين كارفور BMD في اتجاه العيادة المجمعة( اكلينك) وكارافو AFARCO سيكبر أربعا على هيبة بلادنا من خلال هذا الانتشار الكبير للاجانب في هذه المنطقة دون ابسط وجود للسلطة للتحقيق في مدى شرعية إقامتهم وعبورهم ، ان هؤلاء الاجانب يتخذون من فرصة تنظيم مظاهرات شعبية سلمية محلية يندسون فيها ويقومون ببعض عمليات الشغب والتخريب والاعتداء على المواطنين الأمر الذي يثلج صدور بعض الجهات السياسية المحلية المعارضة , وهو ما وقع خلال المظاهرات التي اندلعت السنة الماضية والتي شهدتها العاصمة نواكشوط وبعض المدن الحدودية حيث اعتقلت الشرطة خلالها مئات الأجانب المندسين في هذه المظاهرات قصد العبث بممتلكات المواطنين وانشغال السلطات بها ليجدوا الفرصة في تعزيز تواجدهم وتحقيق مآربهم
ان ظاهرة الانتشار اليومي للأجانب في قلب العاصمة نواكشوط وتحديدا في المناطقة التي ذكرت سابقا ماهي إلا مؤشرات ورسائل مشفرة واضحة مفادها انه أن الأوان في اكثر من اي وقت مضي لاستشعار الخطر من جديد واتخاذ إجراءات عملية للتحقيق مع الاجانب وضبط إقامتهم وتسفير من لم يدخل بطريقة شرعية او من لم تكن له إقامة شرعية في بلادنا
ازدواجية البعد القانوني للهجرة
إن البعد القانوني المنظم للهجرة يعتبر أحد أهم المسارات التي تحكم مفهوم الهجرة سواء كانت هجرة نظامية أوغير نظامية وفقا للأبعاد الثلاثة التالية
1/ البعد الأول خصوصيات القانون الموريتاني النابع من الدستور الوطني
2/ البعد الثاني / الاتفاقيات التي وقعت عليها بلادنا مع دول الجوار لتسهيل انسيابية التبادل التجاري والثقافي وهو ما تمليه مبادئ حسن الجوار والمنظومة الإقليمية ووحدة المصير
3 / البعد الثالث / الاتفاقيات الدولية وهذه الاتفاقيات الدولية تلعب دورا كبير في تعامل بلادنا مع أمواج المهاجرين وهذا التدفق الغير مقبول والتي منها على سبيل المثال لا للحصر
• اتفاقية اللاجئين 1951 وبروتوكول 1967 (عدم الإعادة القسرية.
• اتفاقيات العمل الدولية 97، 143، 189 وحماية حقوق العمال المهاجرين (1990).
• بروتوكولات الأمم المتحدة 2000 لمكافحة التهريب والاتجار.
• قانون البحار، واتفاقيات عديمي الجنسية1954 ، 1961.
• أطراف مرجعية غير ملزمة مثل الميثاق العالمي للهجرة (2018).
. وأخيرا الاتفاقية المثيرة الموقعة بين موريتانيا والاتحاد الأوربي2024
مظاهر الإنتشار و الاستيطان
إن اتفاقية الهجرة غير الشرعية بين موريتانيا والاتحاد الأوربي التي أرقت الشعب الموريتاني السنة الماضية 2024 والتي أثارت جدلا كبيرا بين القوى السياسية الحية والنظام بدأت ملامح وتجليات خطرها تطفو ١على واقع الحياة المعاش يوميا , فقد ترك الحبل على الغارب للاجانب يسرحون ويمرحون متخذين منها عصى سحرية على رقبة السلطات الموريتانية بما فيها من ضمانات وبنود لصالح المهاجرين , حيث تفرغ الزوارق المشحونة بالمهاجرين غير الشرعيين إلى اوربا حمولتها على الشواطى الموريتانية بالقرب من العاصمة ويدخلون العاصمة دون ابسط تحقيق ودون اية مساءلة كانها وطن بلا شعب ولا راعي ويدخلون قلب العصمة ويبدأون في البحث عن لقمة العيش اولا ثم البحث عن طريقة لمواصلة مسيرة حلم الهجرة في حالة ان المقام لم يطب لهم
ان الواقع المأساوي اليوم وخطر تنامي المهاجرين واعتداءاتهم المتكررة على ارواح وممتلكات أبناء وطننا والتي كان آخرها الاعتداء مساء الخميس الماضي على المدير الإداري والمالي لوزير العدل في منزله من طرف اجنبي يفرض على الدولة استشعار الخطر ووضع نظام دقيق لضبط إقامة الأجانب ومن بين هذه الإجراءات مايلي/
الإجراءات الوقائية والردعية
1/ إلزام الاجانب بوضع البصمة لمن كان دخوله دخولا شرعيا وتسجيل اوراقه وهاتفه وتصويره
2/ تفعيل دور الشرطة والدرك داخل العاصمة في متابعة الاجانب والتحقيق مع اي مواطن اجنبي لوحظ تحركه في الاسواق او في الاماكن العمومية وترحيله فورا إلى وطنه في حالة تجاوزه للقانون اوفي حالة قيامه بعمل مخل بالنظام العام والسكينة
3/القيام بمسح شامل للاجانب المقيمين في مقاطعات العاصمة بشكل شامل والتركيز على المقاطعات الأربعه التالية / الرياض, السبخة ا, لميناء , ودار النعيم
4/ إلزام الاجانب المقيمين بعدم إيوائهم لأي اجنبي جديد دخل بطريقة غير شرعية وفي حالة وجوده متلبسا بإيواء اواستضافة اجانب دخلوا بطريقة غير شرعية يعرض نفسه للترحيل إلى بلده كعقوبة على الإيواء والإقامة غير المرخصة
5/ وضع مراكز مزودة بالوسائل البشرية و اللوجستية والمالية لمراقبة تحرك الاجانب في العاصمة وطريقة دخولهم
6/ إلزام شركات النقل الوطنية الخصوصية الكبرى بعدم نقل اي مواطن اجنبي إلى العاصمة إلا بطريقة مرخصة وبوثائق تحدد هويته .
وأخـــــــيرا
إن الفوضاء السائدة في سهولة دخول الأجانب بذريعة الهجرة غير الشرعية شكل أكبر تحد أمني للشعب الموريتاني هذا من جهة ومن جهة شكل مزاحمة ومنافسة لليد العاملة الوطنية كما أنها تشكل ضغطا على الموارد المحلية من خلال تنامي وجود الأجانب خاصة على المواد المستوردة.
إن استشعار الخطر وإيقاظ الضمير الوطني يفرضان على السلطات من منطلق المسؤلية أن تضع حدا لفوضاء انتشار الأجانب في العاصمة نواكشوط التي أصبحت ملاذا للعصابات الإجرامية التي تندس في البلاد قادمة من دول أجنبية يقومون بالاعتداء على أرواح وممتلكات المواطنين بشكل دائم