زيارات الداخل..الكاريزما والرسائل / العباس ولد أجيه | البشام الإخباري

  

   

زيارات الداخل..الكاريزما والرسائل / العباس ولد أجيه

ربما كان الحدث الأبرز في الآونة الأخيرة على الساحة الموريتانية هو زيارات الرئيس محمد ولد عبد العزيز للولايات الداخلية، وقد يتساءل الكثيرون عن الهدف منها وعن جدوائيتها؟ . فبالنسبة للبعض هي رحلات استراحة من كاريزما الانجازات المصحوبة بشكوك المعارضين ومساومات

الموالين، ومحاولة صناعة كاريزما جديدة بمعايير الأسلاف قائمة على حب الشعب للقيادة التي جاءت لتقف ميدانيا على أوضاعه المعيشية.
صحيح أن كل المجتمعات تظل بحاجة إلى قيادة جذابة قادرة على دفع حركتها وتحريك قوتها وتحفيز أحلامها. قيادة لها تلك الكاريزما التي تَميز بها زعماء كبار في شتى العصور يتمتعون بجاذبية الحضور وبساطة اللغة وشعبوية الخطاب.
لكن معضلة الديمقراطية أصبحت مانعا للحركة في قطيع خلف قائد يقود الجميع إلى حيث لا يدرون!
من مهاتير محد في ماليزيا إلى رجب طيب أردوغان في تركيا إلى (لويس لولا) في البرازيل إلى (مان موهان سنج) في الهند، وغيرهم، هؤلاء حولوا بلدانهم من حالة التبعية إلى الدوران في أفلاك القوى العظمى لأنهم وضعوا في أولويات خططهم كرامة شعوبهم وتوفير العيش الكريم لها.
خاصية بسيطة اسمها » الابتكار« هي كلمة السر نحو النجاح، يجب أن نبتكر أساليبنا ومناهجنا في  التعليم والصحة والسياسة ومكافحة اختلاس المال العام وبناء منظومة القيم .
وخلاصة القول أن الثابت في الزيارات (الرئاسية) للداخل  يُخفي منها المُتغير، إلا أن زيارات الرئيس الأخيرة تبعث برسائل من أهمها :
أولا : رسالة في الاجتماع : أن هذا الشعب على تنوع فئاته متوحد في همومه وانشغالاته فبنفس المشاعر والمظاهر استُقبل الرئيس في جميع الولايات والمناطق.
ثانيا : رسالة في الأمن : أن البلد بمنّ من الله العلي القدير ينعم بالأمن والاستقرار، فمن مشرق المغرب العربي إلى مغربه لا يخلو بلد من بؤر توتر هنا وهناك كما لا يستطيع حاكم أن يتجول في ربوع وطنه بحرية وأريحية كما هو الحال هنا.
ثالثا : رسالة في الولاء : أن الولاء للنظام الحاكم لازال هو السائد فرغم أن الرجل لا يشتري السيارات الفخمة للوجهاء ولا يوزع عليهم القطع الأرضية مجانا كأسلافه ويصرفون من جيوبهم في رحلات استقباله رغم ذلك كله فقد أظهرت الزيارات تهافتا غير مسبوق على إظهار الولاء والدعم له.
رابعا : رسالة في الجغرافيا : حيث أظهرت الصور والريبورتاجات أن موريتانيا التي اعتبرها الكثير من كتاب الغرب بالكاد تصلح للعيش نتيجة لظروفها المناخية الصعبة، هي بلد جميل في عيون أبناءه الذين هم بحاجة ماسة إلى التعريف والتحسيس بمقدراته الاقتصادية من زراعة وسياحة وغيرها من النشاطات الاقتصادية الواعدة.
ولم تخلو هذه الزيارات من مظاهر التزلف الذي يمقته الرئيس الموريتاني نفسه الذي سُئل مرة : هل تظن أن البلاد ستبقى على السكة الصحيحة بعد انتهاء مأموريتك الحالية؟ فأجاب بأن الاصلاح لا يرتبط بشخص معين بقدر ما يرتبط بمستوى نضج الشعب ومحافظته على مكتسباته التي تحصل عليها عبر مسيرة شاقة من النضال والتضحية .   
هنا أختم بقصة للرئيس البوسني علي عزت بيكوفيتش الذي وصل في أحد الأيام لصلاة الجمعة متأخرا وكان قد اعتاد الصلاة في الصفوف الأمامية ففتح له الناس الطريق إلى أن وصل للصف الأول فاستدار للمصلين  وقال قولته الشهيرة :
»هكذا تصنعون الطواغيت «.

تصفح أيضا...