تاريخ موريتانيا الإيجابي يتواصل/ بقلم: محمدن امد (الحلقة الأولى) | البشام الإخباري

  

   

تاريخ موريتانيا الإيجابي يتواصل/ بقلم: محمدن امد (الحلقة الأولى)

الحمد لله أما بعد فسنواصل على هذه الصفحة بعون الله ما أمرنا به شيخنا الشيخ علي الرضا بن محمد ناجي رئيس المنتدى العالمي لنصرة الرسول صلى الله عليه وسلم من الترجمة لأعلام بلاد شنقيط من علماء وأبطال ومحبين ورجال مقاومة، من شرق موريتانيا إلى غربها ومن جنوبها إلى شمالها، وفق ما يطلق عليه شيخنا حفظه الله ورعاه وأيده بنصره: "تاريخ موريتانيا الإيجابي"، وسننشر اليوم على بركة الله ترجمة للعلامة القاضي بن اعلي مَم ّ السباعي، والله المستعان وعليه التكلان

العلامة القاضي بن اعلي مَمّ السباعي

هو العلامة القاضي بن اعلي مَمّ السباعي المومني من أكبر علماء البلد، قال الدكتور يحي بن البراء في "المجموعة الكبرى" عند ذكر المدارس الفقية القديمة في هذا البلد: "مدرسة القاضي بن اعلي مم بن درميم (ت. ق . ١٢هـ/ ١٨م): فقيه كبير وقاض وشيخ محظرة من قبيلة أولاد بسباع (أولاد المومنه)، قضى عشرين سنة مع شيخ الشيوخ الحسني الفالي بن بولفالي حتى تخرج عليه، وأسس محظرة كبيرة في منطقة الشمال الموريتاني، من أبرز من درس عليه فيها أتفغ الخطاط، وهو دفين أناجيم شمال ازويرات"، وذكره في أسانيد الفقه في هذه البلاد، ومن أمثلة ذلك:

١) اباه الشريف بن سيدي محمد الشريف الصعيدي محنض باب بن اعبيد الديماني حمدي ابن الطالب أجود أتفغ الخطاط البارتيلي القاضي بن اعلي مم السباعي الفالي بن بو الفالي الحسني المعروف ب"شيخ الشيوخ" علي الأجهوري.

٢) يحظيه بن عبد الودود الجكني أحمد بن محمد بن محمد سالم المجلسي محمد بن محمد سالم المجلسي حامد بن أعمر البرتلي أحمد محمود بن أتفغ الخطاط أتفغ الخطاط القاضي بن اعلي مم السباعي .. .

وقال العلامة المؤرخ الولي الصالح والد بن خالنا الديماني في كتاب الأنساب: "أولاد أبي السباع واسمه عامر بن إدريس بن إدريس، وقبر أبيه إدريس بن إدريس ب"زرهون" موضع بين فاس ومكناس، وعرف بأبي السباع لأنه على ما قيل كان يعبد الله في فلاة ومعه بناته وهن سبع، وله سبع شياه لا يملك غيرهن إذ أتى غزي من أهل التل فقالوا له: أين مالك؟

فقال: ليس لي إلا بناتي هؤلاء وقطيعي هذا. فقالوا له: لا أرب لنا في عيالك وإنما نسألك عن مالك. لقد علمت ما لنا في بناتك من حق. وإنك لتعلم ما نريد. فأدللنا على مالك عساك تسلم إن تدلنا عليه وإلا يعل مفرقك الحسام، فقام ومضى عنهم فمكث غير بعيد، فإذا هو يتمطى ومعه مأسدة سبعة عددا يطوفون به عن اليمين وعن الشمال عزين وهم يبصبصون، فارتاع الجيش حتى بلغت القلوب الحناجر وجعلوا يتملقون ويستغيثون ويقولون: سلاما سلاما يا أبا السباع ثم تولوا مدبرين فقدموا أهلهم وقد انسلخ الليل وتعسعس، فلما كان من الغد ارتحلوا ونزلوا عليه، وتزوج امرأة منهم، إلى أن يقول: .. ومن ادراميم أيضا القاضي بن علي مم ابن درميم وأمه مريم بنت سيد محمد بن ادميس".

ويورد العلامة حمود بن أعمر السباعي في "موضح الغوامض من علم الفرائض" قصة كهذه في سبب تسمية عامر بأبي السباع فيقول: "وذلك بعد خروج الأدارسة من إمارة المغرب الأقصى لما ساح عامر في الأرض يعبد الله في الفيافي وقد كره أرض العمارة فصار لقبه عامر الهامل إلى أن قدم إلى أرض البرابشة قبيلة من العرب في أزواد وسمع بقدومهم أميرهم فقال له كل من لقيه إنه ذو كرامات كثيرة ليست لغيره فبعث له وفدا كثيرا وقال لهم ضيقوا عليه فإن ظهرت لكم كرامة فارجعوا إلي لأمضي إليه بهدية وأتبرك به وأطلب منه القرب وإن لم يكن كذلك فاتوني به أسيرا فقد أضل كثيرا من الناس، وعدد الوفد في أشهر الأقوال تسعون، فألموا به واستضافوه فدفع لهم طعاما وقال: "كلوه، يكفيكم إن شاء الله"، فغضبوا عليه وأغلظوا عليه الكلام وقالوا لا بد أن تذبح لكل واحد منا شاة، فارتفع من بين أيديهم وطلع تلا مرتفعا هناك ونادى: "يا ميمون" فأحاطت بهم السباع فصارت تناهشهم حتى تعلقوا بظهر الولي عامر يطلبون منه النجاة من السباع، فأشار للسباع فرجعت عنهم وذهبوا من عنده وقدموا إلى أميرهم فقصوا عليه خبره معهم وذهب إليه الأمير بهدية جزيلة وقدم عليه وطلب منه المقاربة والمصاهرة فقبل منه المصاهرة وصاهره ببنته وهي أم أبنائه أعمر وعمران.."

وإلى هذه القصة يشير القاضي عبد الله بن امين بن حامد بن محمذ بن محنض باب الديماني في القصيدة الزينبية:

وَقَدْ طَابَ أَصْلُ الْهَامِلِ الْقَرْمِ عَامِرٍ ** وَمَنْ طَابَ مِنْهُ الأَصْلُ فَالْفَرْعُ طَيِّبُ

وَكُنْيَةُ هَذَا بِالسِّبَاعِ شَهِيرَةٌ ** وَقَدْ أَفْصَحَ الْكُتَّابُ عَنْهَا وَأَعْرَبُوا

يُوَافِيهِ أَضْيَافٌ أَرَادُوا اخْتِبَارَهُ ** فَيُبْدِي لَهُمْ بِشْرًا بِهِمْ وَيُرَحِّبُ

وَيَذْبَحُ شَاةً فِي قِرَى عَدِّ تِسْعَةٍ ** وَتِسْعِينَ ضَيْفًا وَالطَّعَامَ يُقَرِّبُ

فَيُبْدُونَ إِغْلاَظًا فَيَدْعُو سِبَاعَهُ ** فَيَحْضُرُ مِنْهَا مَا بِهِ الضَّيْفُ يُرْعَبُ

فَيَطْلُبُ كَفَّ الأُسْدِ عَنْهُمْ ضُيُوفُـهُ ** وَمَنْ كَانَ مَوْلاَهُ لَهُ لَيْسَ يُغْلَبُ

تَفَرَّعَ مِنْ أُعْمُرْ وَعُمْرَانَ نَسْلُهُ ** وَللهِ مَنْ أَبْنَاءُ هَذَيْنِ أَعْقَبُوا

وَجِذْلُهُمُ الْحَاجُ الْمُحَكَّكُ أَحْمَدٌ ** وَعِذْقُهُمُ عَبْدُ الْوَدُودِ الْمُرَجَّبُ

ويقول العلامة الشاعر الشيخ سيد محمد بن الشيخ سيدي في مولود محمد الامين بن محمد الحسن السباعي يذكر هذا أيضا:

بشرى فهذا هلال السعد قد طلعا :: من هاشم في سماء المجد مرتفعا

من جعفر وعلي أصل عنصره :: مقابل الطرفين الأشرفين معا

وجده منه إدريس لطاعته :: دعا فلباه أهل الغرب حين دعا

وجده جوده ما مثله مثل :: وسائر الأسخيا كانوا له تبعا

كذا الذي لم يدع في أرض خلوته :: إلا أتى طائعا ليثا ولا سبعا

وقال الشريف القطب الشيخ سعد أبيه بن الشيخ محمد فاضل في كتابه -تقريظ الأسماع بالذب عن بغض أبناء أبي السباع-: "صحح غير واحد من أجلة عصرهم شرفهم كوالدنا رضي الله عنه والشيخ سيديا ومحمد بن محمد سالم وغيرهم"، إلى أن قال: "وذلك الذي عندنا أن لهم سابق عناية من الله، وأقوى الأدلة عليها انتسابهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وأن فيهم كفؤا لكل أحد فإن جاءهم صالح وجد فيهم الصلحاء أو عالم وجد العلماء إلى غير ذلك"،

تصفح أيضا...