المرأة في موريتانيا... بها يشقي العربي ويسعد الزنجي | البشام الإخباري

  

   

المرأة في موريتانيا... بها يشقي العربي ويسعد الزنجي

تعتبر قضية المرأة في موريتانيا قضية اختلاف في التكوين يتبعه لا محالة اختلاف في الاستعداد ، لا قضية مساواة ونمطية سائدة في كل المجتمع ، حيث تختلف  العادات من مجتمع لآخر كما تختلف ألوانه وألسنته وتتمايز طبقاته ثقافيّا وحضاريّا ما استعصى معه الربط بين كثير من العادات الموريتانية خاصة داخل المجتمع العربي والزنجي فيه .

ففي المجتمع الموريتاني العربي تتميز المرأة بكثير من القداسة يوصلها أحيانا درجة التأليه ، ويحول الرجل إلى عبد لآلهة لا تمتلك ضرا ولا نفعا ، يشقى بها وتسعد به ، وربما لهذا السبب يتشاءم العرب في موريتانيا بميلاد المرأة لسلبيتها واتكاليتها وانعدام دورها في الحياة النشطة وتقوقعها على ذاتها بل وعجزها أحيانا عن القيام بواجب البيت ، حيث تتعود المرأة العربية في موريتانيا على الخدم وتفرض على الرجل توفير فرص الرفاهية لها حتي ولو كلفه ذالك أن يعيش شريدا غريبا خارج وطنه مفارقا لأحبته مدي الحياة!!  وتنبع هذه المكانة المعاصرة للمرأة العربية بموريتانيا من مكانتها المميزة في الفكر المرابطي القديم، ففي مجتمع لا تكف قبائله عن التنقل، ولا تتوقف قوافله عن الترحال، كان لابد من وجود مستقر يعود الرجل إليه، خيمة وامرأة ترعاها، كانت المرأة هي الجذر الذي يربطه بالأرض والمكان، كان المرابطون من القبائل المتشددة في اتباع تعاليم الدين الإسلامي، يؤمن أفرادها بأنه لايكرم المرأة إلا كريم، ولا يهينها إلا لئيم، وهو ما لخصه الموريتانيون في مثلهم الشعبي الذي يقول "إنها عمامة الجواد ونعل الكلاب "ويتصاممون عن كل نص يفهم منهم التخفيف من هذه القدسية ...هذه النظرة المتفتحة على المرأة والاعتراف بمكانتها لم يمنع عوامل الغبن التي كانت تمارس ضدها في بعض الأحوال . الزنجية سادنة حرث وخادمة بيت على عكس المراة العربية في موريتانيا تتميز نظيرتها الزنجية بالحركية والنشاط والإنتاجية ، فهي ربة البيت وسادنة الحرث ، بها يسعد الرجل ومن أجله تضحي ... بوابة إفريقيا تجولت في مزارع الجنوب الموريتاني ــ حيث تسكن أغلبية الزنوج ــ فرأت كيف تعمر النساء المزارع ، وكيف يتحولن إلى خدم لرجالهن دون من ولا أذى ... تمسك "فاطمة جا " المحراث وهي تتحدث لبوابة إفريقيا باعتزاز وفخر معتبرة أن جلوس الرجل في المزرعة أو حلبه للماشية يعتبر إهانة للمرأة التي تمثل ستره الذي لا غنى له عنه ، وتعتز ــ فاطمة ــ بأنها رابعة نساء زوجها الخمسيني ، وترى أن رفض النساء العربيات للتعدد الزوجي تجاوز لحدود الله .

 في قرى الجنوب الموريتاني يبرز التباين بين العرب والزنوج في كل الطقوس المجتمعية ، يظهر ذلك حتى في قدوم المرأة إلى أهل زوجها ، فهو عند الزنوج قدوم خادمة متفانية في خدمة أسيادها زوجها لأنها غرست من شجرة التواضع وجلد الذات والعكس عند أختها العربية فإن قدومها علي أهل الزوج يعني بالنسبة لهم قدوم ملك يجب استنفار جميع الطاقات المادية والمعنوية والعملية لقدومه لأنها غرست من شجرة الكبر والأنانية ــ حسب تعبير يحيى ــ وكما تبيح التقاليد للرجل الافريقي الزنجي في موريتانيا الزواج على امرأته تجيز له ضربها بل تندبه إليه، ف"المرأة والسوط صنوان" عند الأفارقة الزنوج ، والزواج  عليها خير وسيلة لتأديبها بل والإحسان إليها وليس في ذلك ضير، بل إن إحجام الرجل الافريقي عن تعدد الزوجات، يشكل قناة يمكن الغمز منها في رجولته أو قدرته على حمل المسؤولية. لاءات العربية مصدر شقاء الرجل بموريتانيا "لا سابقة ولا لاحقة وإلا فأمرها بيدها " مقولة شائعة في المجتمع العربي بموريتانيا ، منها تبدأ رحلة شقاء الرجل الموريتاني ــ حسب باحثين ــ وتنطلق المرأة نحو بناء جمهوريتها العسكرية . مظاهر تدجيل المرأة في المجتمع العربي بموريتانيا جعلته يعطيها الحق في أن تأخذ لنفسها الطلاق إذا عنفها زوجها أو تحدث إليها بكلام جارح، أو تزوج عليها سراً أو عاملها معاملة "غير لائقة"، ولها الحق - اجتماعيا - في مغادرة بيتها والعودة الى بيت أهلها، إذا ما أغضبها زوجها، أو رفض تنفيذ طلباتها، وليس أمام الزوج المسكين إلا الذهاب إليها لاسترضائها وتطييب خاطرها، وإرسال الوفود لها لتقبل اعتذاره، على أن يتعهد لها بتلبية كل ما تريد، وغالباً ما تتخذ المرأة من نوبات غضبها فرصة لإملاء شروطها و طلباتها على الزوج، الذي يفرض عليه المجتمع تلبية كل ما تريده الزوجة "الغاضبة"، لأن غضب النساء أو الإساءة إليهن ليست من المروءة أو كريم الخلق الذي تفرضه العادات والتقاليد البدوية. السياسة امرأة وحدها المرأة العربية في موريتانيا تطمح للرئاسة وتترشح لكل انتخابات ، كما تمثل السحر الذي يلوذ به الرجل ويعتصم به لتذليل صعاب السياسة ، فقداستها الاجتماعية جعلتها تتربع على قلوب الساسة ، كما أن التجربة الديمقراطية  منحتها مركزا مميزا، وفتحت أمامها كل المناصب بلا استثناء ... في موريتانيا العديد من السيدات الناشطات اللواتي يملكن موقفا ورؤية محددة للتحديات التي تواجه بلدهن، بينهن ناشطات في المجتمع المدني، ورئيسات للأحزاب، ووزيرات وواليات وأيضا إعلاميات وفنانات، تشكيلة  كبيرة ومتنوعة تعدد الرؤى والمواقف فعلى المستوى السياسي بدا حضور المرأة في الوظائف الانتخابية لافتا حيث يبلغ عدد النساء في البرلمان 31 نائبة، بينما يشكلن 35% من أعضاء المجالس المحلية، وفزن بسبعة مناصب عمدة، إضافة إلى رئاسة مجموعة نواكشوط الحضرية -التي تمثل أكبر منصب انتخابي محلي- التي تتولاها سيدة لأول مرة في تاريخ البلاد. وقد وصل عدد النساء في الحكومة الحالية إلى ست وزيرات، وهو رقم قياسي في تاريخ التشكيلات الوزارية في البلاد.

إلا أننا حين ننظر إلى عدد النساء السياسيات في موريتانيا نجد أن أكثرهن من العرب بينما تتراجع النسبة في المجتمع الزنجي ما يعني أن التقاليد الاجتماعية فعلت فعلها في المعادلة السياسية كما مارست سطوتها في المعادلة الاجتماعية .

وفي الأخير تبقى النظرة الموضوعية إلى واقع المرأة الموريتانية المعاصرة تؤكد أنها بحاجة إلى ربيع نسائي يحد من استبداد المرأة العربية ، ويعيد قليلا من الثقة لأختها الزنجية . 

  نوافذ 

تصفح أيضا...