هل يحتمل العالم حربًا عالمية ثالثة؟ | البشام الإخباري

  

   

هل يحتمل العالم حربًا عالمية ثالثة؟

دينا شرف الدين

جدال دائر هنا وهناك، توقعات واستنتاجات وتنبؤات باحتمالية وقوع حرب عالمية ثالثة نسمع من على بعد دقات طبولها التى تقتحم آذاننا من آنٍ لآخر ولا نعلم هل هى أصوات حقيقية أم أنها أضغاث أحلام! ولكن السؤال الأهم هنا والأولى بالطرح قبل أن نستعرض المسببات والدوافع التى قد تودى بالعالم إلى حرب ثالثة (هل يحتمل العالم أوزار حرب جديدة؟) هل سيعيد التاريخ نفسه مرة أخرى قاهرًا كل التعهدات والتأكيدات والالتزام. الذى ألزمت به الدول التى نالها من الدمار والخراب بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية نفسها بانقضاء عصر الحروب المباشرة التى تأذت منها البشرية أذى عظيم؟ فبالرغم من تخلى الدول الكبرى عن فكرة الاستعمار التى كانت مدعاة للتفاخر والتباهى بينهم بعضهم. البعض والسعى للفوز باستعمار أكبر عدد من الدول من قِبل كل دولة لتتفوق على غيرها بما تمتلك من أراضى وخيرات الغير، إلا أن الهدف ما زال قائمًا متغلغلاً فى النوايا والأنفس ! فقد استعاضت الدول الاستعمارية عن فكرة الاحتلال المباشر وراحت تبحث عن أشكال جديدة للتدخل والسيطرة عن بعد. ومن الواضح أن التغيرات التى تطرأ على دول العالم مستمرة دون توقف، فقد تغيرت موازين القوى فى العالم مرات ومرات على مدار التاريخ فمثلاً كانت الإمبراطورية اليونانية تعتلى عرش القوة والنفوذ ولكن سرعان ماتهاوت وحلت محلها الإمبراطورية الرومانية، ثم كانت الدولتان العظمتان فى القدم هما إسبانيا والبرتغال، ثم دار الزمن دورته فلم تعد دولاً عظمى وآل اللقب لإنجلترا وفرنسا اللتين تربعا على العرش زمنًا طويلاً احتلا فيه نصف العالم واستنزفا خيراته ! وبعد الحرب العالمية الثانية تغيرت الصورة وبدأ نجم دولتين عظمتين تتنافسا على قيادة الأرض وهما أمريكا والاتحاد السوفيتى، وما دار بينهما من حروب باردة انتهت بسقوط الاتحاد السوفيتى لتجد أمريكا نفسها متربعة بمفردها على عرش القوة بلا منازع ! وكان هذا الانفراد بالنفوذ مدعاة للتعجرف والتدخل السافر فى شئون الغير والتحكم فى مصائر الدول بمحرك ودافع أساسى هو المصلحة فحسب . ولكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن! فقد تحولت الخطة الأمريكية للسيطرة على منطقة الشرق الأوسط وإعادة تقسيمها عن طريق وُكلاء يتم تمويلهم وتدريبهم وإمدادهم بالسلاح لتنفيذ المهمة دون أن تكشف القوة العظمى عن وجهها ومن معها من شركاء إلى لعنة أصابتها ولن تنجو منها وهى لا تزال القوة العظمى الوحيدة ! فقد ظهر فى الأفق بوادر بزوغ نجم الدب الروسى من جديد فى محاولة لاستعادة النفوذ والعودة لسابق العهد، وكل ذلك من جراء ما خططته أمريكا، فقد انقلب السحر على الساحر وخسرت القوة العظمى فى هذه المعركة خسرانًا كبيرًا ! ما لا يتوقعه هؤلاء المتغطرسون أن التاريخ يعيد نفسه وأن الأيام دول، وها نحن نشاهد بأعيننا ما قرأناه وتعلمناه فى كتب التاريخ ولم نعاصره ! هل يتوارى الضمير الإنسانى ويتنحى جانبًا ليترك البشر عرضة للدمار من جديد بعد هيروشيما وناجازاكى وبيرل هاربر وغيرها من تبعات الحروب التى أنهكت العالم؟ هل يحتمل العالم حربًا جديدة فى ظل كل هذا التقدم والتطور فى كل أشكال وأنواع الأسلحة وعلى رأسها السلاح النووى؟ هل ستكون منطقتنا العربية مسرحًا لحرب جديدة بين القوى الكبرى التى تصارع بعضها البعض على فرض النفوذ واستعراض العضلات على حساب دول لم تعد تحتمل فقد فاضت بما أصابها من ويلات التفكك والانهيار والحروب الأهلية والطائفية والتنظيمات الإرهابية التى تم تصديرها وتمويلها من تلك الدول الكبرى حسب المخطط المرسوم؟ هل سيدفع الوطن العربى مزيدًا من فواتير الدمار لصالح صراعات الدول التى لا يعنيها إلا استنفاد خيراته واللعب بمقدراته؟ بنى أُمتى: ألم يكن فى الاتحاد قوة؟ ألم تكن الوحدة التى جفت الحلوق نداءً بها بين بلدان المنطقة خيرًا لنا جميعًا؟ كى لا نتحول إلى أوراق كوتشينة تتناقلها أيادى اللاعبين من ذوي السطوة والنفوذ كيفما تشاء؟ نهاية؛ لعلنا نتدارك أخطاءنا ونعيد حساباتنا قبل أن تقرع الدول الكبرى طبول حربها على أراضينا، ونحن من سنسدد فواتيرها