بوح الوطن | البشام الإخباري

  

   

بوح الوطن

شيغالي مولاي الزين

 

لا شيء يستحق العناء حقا إلَّا الوطن(*)
 

لا شيء يفرض عليك أن تراجع حساباتك إلّا الوطن..
 

لا شيء يتماهى مع الذات إلّا الوطن..
 

فالوطن هو وحده من يستحق أن نعطيه دون أن ننتظر ردالجميل من أحد.. 
 

يجب أن يراجع كل منا، في جلسة صفاء مع الذات، نفسه ماذا قدم لوطنه، وحسب اعتقادي، سيجد نفسه أمام صورة تتمتع بدرجة من الوضوح بقدر شفافية التقييم.
 

لا يمكن الحصاد قبل الزرع، فما الذي زرعناه في هذاالوطن لننتظر بلهفة الحصاد؟
 

أخوة الوطن لم نعد اليوم قادرين على التمييز بين الصالح والطالح، ولا بين من يستحق و من لا يستحق، فالأيدي المرفوعة استجداءً تحجب الوطن نفسه، والوطن فينا ينادي من مئذنة بوحه يا بَنِيَّ لا أستطيع أن أميزكم، فنظري قاصر و يدي مغلولة، رغم سخائي الفطري، فأنتم قطعتم حبلي قبل اكتمال نموّي، فكل أعضائي ضامرة و كل جيناتي مشوّهة، لكن بمدى جِدِّكم لا زلتُ انتظر اليد الماهرة لإصلاح ما تشوَّه لأنه يوجد بصيص أمل قابل للتوسع، في نهاية نفقي المظلم هذا.
 

فما أمرُّ به وما ينتابني حصل مع أخوة لي في الجغرافيا، وفي لحظة التلاشي الأبدي، امتدّت لهم اليد البارعة والمسلحة بالعلم والمعرفة لتنقذهم من ابتلاع ثقوب الفناءالكونية، بل جعلتهم في مصاف الدول المتقدمة، ولنا فيالقارة الآسيوية أمثلة.
 

أنا يا أبنائي أعلم حدَّ اليقين أن القلة منكم يصلها صوتي وترى احتضاري بقلوب منفطرة، لكن ضيق يدها، رغم ماتتمتع به من أهلية القيادة و ما تمتاز به من مهارة و حنكة، تمنعها من التأثير في واقعي المنهك لكثرة المحتاجين من أبنائي .
 

أمّا الأغلبية الصامتة فلا تستطيع فك رموز الحكاية و ليست مستهدفة في الغالب لإنقاذي مما أنا فيه، نتيجة تراكم حقب من الإهمال عن قصد تارة، و عن جهل تارة أخرى.
 

لا تُبنى الدول بالأنانية و قصر النظر و السياسات الآنية، فقط من يفكرون خارج الصندوق قادرون، بعد التسلح بما يلزم من العلوم، أن ينتشلوا بلدانهم من الحضيض إلى القمة فليس دون القمة إلَّا خيط دخان ينفث فيه بسهولة من يملك القدرة على الابتكار و خلق حلول غير نمطية لواقع لامثيل له.
 

نسيت أن أخبركم أنّ تٌربتي مليئة بكل مقوِّمات الغنى، و أن بحري يعجُّ بما لذّ و غلى ثمنه، وسمائي ممطرة و مساحتي شاسعة، لكنّ يد العقوق لا زالت متشبثة بي و كلّما خلتها رخت قبضتها عنّي لأتنفس الصعداء أجد نفسي في قبضة يدٍ مماثلة أخرى أشد إيلامًا و جهاداً، و أنّ ما خلته تحررًا من الجاثوم لم يكن إلّا تغيير في الشكل لتجميع قِوى الشر من جديد.
 

بالرغم من كل ما وصفت لكم من حالي لازلت أعطي و أرقب مُنقذيَّ الذين، حسب فراستي، بدأت تتشكل ملامحهم!!!.
 

أبشّركم أنّي لم ولن استسلم أبدا...
 

------------------------
 

*موريتانيا - شنقيط - أرض البيضان - أرض السيبة - المنكب البرزخي...
 

شغالي ولد مولاي الزين / مهندس موريتاني مقيم في الإمارات

تصفح أيضا...