لبراكنه :أربع حقائب وزارية وأربعة أمناء عامون قراءة تحليلية في إعادة التوازنات السياسية المحلية (2) | البشام الإخباري

  

   

لبراكنه :أربع حقائب وزارية وأربعة أمناء عامون قراءة تحليلية في إعادة التوازنات السياسية المحلية (2)

بقلم عبد العزيز ولد غلام كاتب صحفي

الحلقة الثانية مقاطعة ألاك :

تختلف مقاطعة ألاك عن غيرها من مقاطعات الولاية  من حيث الخصوصيات الجيوسياسية, وذالك  لما تتميز به  من مميزات تاريخية  وثقافية  خاصة أن ميلاد الدولة الموريتانية كان من رحم هذه المدينة في مؤتمر ألاك وأن أول انطلاق لشرارة المقاومة العسكرية  كان من هضبتها وذالك ما منحها بعدا  سياسيا عميقا سيظل عصيا على الأنظمة المتعاقبة تجهله  ,

ولئن كان البعد التاريخي ضاربا في الجذور من  خلال الكلمة المعروفة لدى أحد أباطرة الاستعمارالفرنسي لدى عودته مرورا  بولاية لبراكنه واترارزة سئل عن ما لاحظه  في طريقه فقال قولته المشهورة : إنه لاحظ وجود جماعة وتامورت ورجلا وفسر ذالك قائلا : الجماعة هي (قبيلة إجيجب )والتامورت هي بحيرة ألاك والرجل هو باب ولد الشيخ سيديا .

فإن المجال السياسي في المقاطعة يظل عميقا ومعقدا بفعل التجانسات والتطورات التي أملتها الديمقراطية وإكراهات العولمة ,فرغم قوة الاستقطاب السياسي في المقاطعات وطبيعة التحالفات والولاءات التي تتمحور حول تأييد رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز عن طريق شخصيات سياسية معروفة تقل عن عدد أصابع اليد هي التي تملك زمام السياسة بامتياز وقد جسدت جدارتها من خلال قوة عرض عضلاتها أمام عدسات الكاميرا إلا أن المثل يقول كل شيئ بلغ الحد انتهى , وهنا تبدأ مرحلة أخرى سمها ما شئت .

إن التطورات السياسية قد تخلق المفاجآت وقد تتحرك الرياح بما لا تشتهي السفن  " ويقول المثل الحساني  ( اخير المكتوبال امن ال متكاحز اله )فمن المفارغات التي كسرت جدار الصمت لدى سكان ولاية لبراكنه وخاصة مقاطعة ألاك وتحديدا بلدية ألاك تعيين عمدة بلدية ألاك محمد ولد اسويدات أمينا عاما لوزارة الداخلية التي تعتبر الجهاز الوصي الأكبر على  البلديات حيث وضع هذا التعيين الكثير من اللقط لدى سكان بلدية ألاك التي ظل حالها يرثى له ولم يجلس عمدتها في هذه البلدية يومين متتاليين  فلا مرافق ولا بنى تحتية ولا  منشآت  فهي مهجورة تماما وقد أثارت وضعية البلدية المنهارة ضجة إعلامية كبرى بينما كان عمدتها في منحة دراسية في كندا ’ خلال الأشهر الماضية , , كان آخرها رسالة من رؤساء أحياء مدينة ألاك تتهم فيها البلدية بزرع الفتنة والشقاق إلا أننا لسنا بصدد نشر تلك الملفات الإعلامية المثيرة في العديد من المواقع والمؤسسات الإعلامية في شكل روابط واستشهادات مثيرة للجدل بما فيها الرسالة تلك  , فما يهمنا في هذا التحليل وضع تصور عن القراءة التحليلية  لانعكاسات هذا التعيين على المشهد السياسي في المقاطعة .

إن مقاطعة ألاك التي يمثل نصيبها من الكعكة الحكومية السامية وزيرا وثلاثة أمناء عامون تتشكل من 6 بلديات متفاوتة من حيث الوزن السياسي والتجاذب فيها يمليه واقع قوة البعد القبلي والنفوذ السياسي في هذه البلديات , وسنحاول من خلال هذا التحليل أن نعطي تصورا سياسيا عن كل بلدية :

1 ـ بلدية مال هناك قطبين سياسيين كبيرين أحدهما يرأسه زيني ولد احمد للهادي والآخر يرأسه مدير الديوان علي ولد عيس وهما الحلفان الأكثر هيمنة على المشهد السياسي في هذه البلدية التي تعتبر أكبر خزان أنتخابي  للمقاطعة وتراهن هذه البلدية في حراكها السياسي بصفة شاملة على هدف واحد وهو تحويل مركز مال الإداري إلى مقاطعة  .

2 ـ بلدية شكار

 فإنها تعتبر البلدية الكبرى التي تتحكم في توجيه المشهد السياسي في المقاطعة ككل كما تدير سيناريو التحالفات السياسية بفعل نفوذ أسر أهل مكت وأهل بوبكر وأهل بوسالف حيث تعتبر هذه البلدية هي أهم بلدية من حيث ارتفاع نسبة التصويت لصالح النظام  في المقاطعة .

3 ـ بلدية ألاك /

 تعتبر بلدية الاك البلدية المركزية ذات التأثير السياسي الكبير والتي يشكل الاستقطاب السياسي فيها قمة حيث يوجد فيها اكبر القوى السياسية تأثيرا في الولاية والذين يمثلون قامات سامغة في طول النفس السياسي والذين يقودون مجموعات قبلية وعشائرية متعددة  .تجاوزوا مرحلة التنافس حول الحيز الجغرفي للمقاطعة إلى مرحلة التنافس السياسي في مقاطعة بوكى , (بلديتي ولد بيرم ودار العافية ) في شكل تحالفات مع بعض المجموعات القبلية هناك , وهؤلاء الشخصيات هم الوزير محمد عبد الله ولد اوداع وسيدامين ولد احمد شلا والداه ولد عبدي والنهاه ولد الشيخ القاضي والسفير عيداهي ولد الشيخ القاضي والإطارعباس صو عن مجموعة الدشرة والنائبة آمنة بنت المولود, هذه هي الشخصيات التي تتحكم بشكل قوى في توجيه المسار السياسي في بلدية ألاك

4 ـ بلدية اغشوركيت /

هذه البلدية هي إحدى البلديات التي تعتبر واجهة قوية لمنافسة المعارضة وخاصة ضد حزب تواصل وتحسب هذه البلدية في قوتها السياسية لصاح الوزير محمد عبد الله ولد أوداع وتتبع لها مجموعات قبلية في العديد من القرى والتجمعات تدخل في صميم الولاء السياسي لصالح ولد أوداعه , باستثناء قرى البلد الطيب ومقام إبراهيم وبيئر البركه  وقرية جدة  فهذه القرى تعتبر صمام أمان سياسي  للنهاه ولد محمد عبد الله والسفيرعيداهي ولد الشيخ القاضي ويشكل الرجلان تحالفا مع الوزير ولد أوداع لتوجيه البوصلة السياسية في البلدية  .

5 ـ أما بلدية بوحديدة

فإنها تعتبر ثالث بلدية من حيث الكثافة السكانية , وتضم مجموعات قبلية كبيرة ذات وزن سياسي يتمحور التنافس السياسي فيها بين مجموعة أزماريك  وإدكشم وتاكنيت أساسا وإذا ما رجعنا إلى توازن هذه المجموعات نجد أن مجموعة ازماريك  تحسب عليها معظم القرى خاصة موندي والزغلان والعزلات واكراع اسدر حيث يعتمد الحراك السياسي في هذه المجموعة على شخصيات سياسية معروفة هي التي تتحكم في المشهد السياسي  في البلدية وهم على سبيل المثال لا للحصر جار ولد انلا ومحمد ولد جب والداه ولد ابلال والشيباني ولد عبد القادر ولمرابط ولد ابهم جام  وابوه أبوه ولد عبد القادر ومحمد عبد الله ولد دحيه وأحمد سيدي ولد أوداعه   أما بالنسبة لمجموعة إدكشم فأن قوتها السياسية تكمن في عاصمة البلدية بوحديدة وتعتمد في حراكها السياسي على تحالف قوي مع أسرة أهل مكت في بلدية شكار حيث يوجد امتداد لهذه المجموعة في بلديتي شكار والواد الغارك في بلدية اغشوركيت وبلدية جلوار , أما المجموعة الثالثة والتي تحسب لها عدة قرى فهي مجموعة تاكنيت في لعليبات وأكويدة ومفتاح الخير فهذه مجموعة سياسية كبرى تشكل في دفعها السياسي تحالفا مع الوزير محمد عبد الله ولد أوداعه وذالك من طرف مجموعة من الشباب المناوئ للزعامة التقليدية الروحية للمجموعة .

6 ـ بلدية جلوار /

هذه البلدية الريفية التابعة لمركز مال لا يتجاوز التنافس السياسي فيها بين مجموعتين هما مجموعة  الأمين العام لمنظمة استثمار نهر السنغال ابراهيم الخليل ولد احمياده والذي تحسب له البلدية حاليا في حين يتشكل الطرف الثاني  مجموعة الشيباني ولد بيات الذي قضى أكثر من 20 سنة على رأس البلدية ويعتبر الاستقطاب السياسي فيها ضعيفا بفعل عوامل الهشاشة السكانية والعزلة الخانقة .  

هذه روية مبسطة عن واقع المشهد السياسي في مقاطعة ألاك , إلا أن التعيين الأخير والمفاجئ لعمدة بلدية ألاك محمد ولد اسويدات كسر جدار الصمت لدى سكان بلدية عانوا الأمرين غياب جهة تنظيمية لرعاية مصالحهم وغياب برامج تنموية تخدم المواطن , ولم يلبث ذات مساء في هذه البلدية ليتفاجؤا بترقيته إلى ثاني شخصية اعتبارية في وزارة الداخلية الوصية على البلدية حيث يطرح هذا التعيين الكثير من التساؤولات والاستفهامات عن من يقف وراءه وبأية معايير تحقق التعيين والترقية خاصة لمن لا يستحق على حد وصف ضحايا سكان مدينة ألاك لعبث البلدية واستهتارها بموارد البلدية وغياب الخدمة العمومية  فيها .

يرى بعض المحللين السياسيين أنه قد يكون وراء ذالك سناريو سياسي الهدف منه هو تشكيل تحالف سياسي جديد مع بعض القوى الحية في مركز مال الإداري ردا على تحالف القوة السياسية المناوئة مع الوزير ولد اجاي  , وهذا التحالف سيحظى بدعم بعض الرموز القوية لضرب مصالح إحدى القوى السياسية الحية الفاعلة  في المقاطعة والتي تتذمر تلك الرموز الموجهة للمشهد السياسي في المقاطعة  من طريقة التعاطي معها في المقاطعة بشكل كلي على حد وصف ذالك الرأي . وذالك ما جعلها تقف وراء تعيين ولد اسويدات الذي تدعمه مجموعة أهل الشيخ القاضي , وهذه الرؤية تدعمها مصادر تقول إن ولد اسويدات كان مرابطا دائما في منازل تلك الرموز في الوقت الذي يعتبر البعض أن هذا التعيين قد تكون لوزير الداخلية يد طولى فيه من خلال تلميع الصورة السياسية عن ولد اسويدات رغم خبرته الواسعة به أيام كان واليا لولاية لبراكنه .

إلا أن هذا الرأي ترفضه بعض القوى السياسية القائلة بأنه لو كانت تلك الرموز تسعى إلى التخلص من إحد القوى السياسية الحية لاحسنت الاختيار في مغازلة تحالف سياسي قوي يحظى بثقة كبرى ودعم شعبي واسع  من أجل  تغيير الخريطة السياسية إلا أنها لم تحسن الاختيار الأنسب لمواجهة تلك القوى الحية ذات التجربة القوية والإمكانات الواسعة , حيث أن طبيعة التعامل مع المواقف وطول النفس السياسي لن تكون من الصفات التي يمكن أن يتحلا بها ولد اسويدات في مقاومة وتنظير المشهد السياسي مستشهدة بالمثل القائل ( أل لاه يكطع علاف العر إيكيسها اعل فمو )  على حد وصفها .

أما بعض المحللين السياسيين فاعتبروا أن تعيين ولد اسويدات أمينا عاما لوزارة الداخلية واللامركزية في وجه تنظيم الانتخابات البلدية والنيابية والمجالس الجهوية  المقبلة يعتبر بمثابة الانتحار الوظيفي الأخير له,  بدليل أنه مادام قد عجز عن تسيير مرفق عمومي بسيط عمدة  ( بلدية واحدة ) فمن العبث بمكان أن يقدر على الإحاطة بتسيير الإدارة الإقليمية في 221 بلدية  رغم أن ولد اسويدات له مؤهلات دراسية ويتمتع بشخصية بسيطة وعلاقات واسعة .إلا أنه بين تقلد الرجل لمنصبه الجديد وبين تشكيل الحكومة المرتقبة ستتشكل النواة الأولى للسناريوهات المحتملة لكل التفاعلات الناتجة عن هذا التعيين وما يخبئه من احتمالات في تغيير الخريطة السياسية وإعادة التوازنات المحتملة أمام الاستحقاقات القادمة .

مع تمنياتنا لكم بالتوفيق  وإلى الحلقة الثالثة حول مقاطعة بوكى  وما مدى تحقيق نجاحات وزيري الدفاع والوزيرة المكلفة بالموريتانيين في الخارج في تأطير سكان الضفة وكسب تأييد النظام 

تصفح أيضا...