محمد الأمين عبد الودود، صحفي
منذ زمن وأنا أتصفح بعض المواقع التي تحمل ما جادت به أقلام بعض الكتاب من أبناء هذا الوطن الغالي وهي بطبيعة الحال مقالات تحمل تعددا في الأفكار و تنوعا في التعبير وغزارة في طرق المواضيع .لكن انبرى في ذهني بعض الملاحظات تتلخص فيما يلي
1 الأسلوب في الطرح
2 المنهج في النقد
3 التأويل في المقصد
سأناجي مدادي لعل أناملي ترسم ما بدا لي انه نقد أرجو أن يكون هادفا مصححا لمفاهيم أرى لزاما علي تقديم رأيي المتواضع فيها عله يصادف هوى لمن يمكن أن يشاطروني الرأي
البعض كتب عدة عبارات ودون في عدة مقالات غاصت في التأويل لألقاب الرئيس وعبارات تخدش في العرض .
قبل الحديث عن استشكالاتي الثلاثة آنفة الذكر حبذا لوعدت بمخيلة القارئ إلي عهد ليس بالبعيد حين كانت الأحادية في الحكم والتكميم المطلق للأفواه وملاحقة أصحاب الرأي ومصادرة الصحف وسجن سدنة القلم ورجال الفكر.
ذكرى موجعة تجعلنا نفتخر بتجاوزنا لها بكل اقتدار وما توالي صدارة البلاد كأول دولة عربية في مجال حرية الإعلام وعلى مدى ثلاث سنوات متتالية الأخيرة إلا خير دليل .فهل تحسب لهذا النظام؟
في نفس الحيز الزماني كانت مشكل الأحياء العشوائية كغيرها من المشاكل ماثلا للعيان منذ ميلاد الدولة حتى عهد قريب حين قرر هذا النظام تخطيطها ومنح كل مواطن مسكنا يأوي إليه.
لن أتحدث عن الآلية التي كانت متبعة قبل ذلك ٍ.....فأهل مكة أدرى بشعابها لكن وبحمد الله لا يخفى على الرائي ما شهدته البلاد من تحولات جد هامة ليس لمكابر أن يتجاهلها حيث تغير الوجع العام للعاصمة وتمددت الشبكة الطرقية في قلب واطراف العاصمة ناهيك عن دورها الريادي في فك العزلة عن عواصم الولايات الداخلية لأول مرة.
إضافة إلي تشييد مشاريع من العيار الثقيل كالمطار الدولي والمركب الجامعي ومشروع أمل والطفرة في المجال الزراعي وإنشاء المنطقة الحرة كقطب تنموي واعد والأهم من كل ذلك تقوية المؤسسة العسكرية وجعلها قادرة على صون الحوزة الترابية .....الخ
الأسلوب في الطرح :
لئن تناسينا النظم القانونية التي تسير العلاقة بين مكونات الدولة فليس من الممكن أن نتناسى الأسس الشرعية والضوابط الفقهية التي تربينا عليها كمجتمع مسلم ومحافظ وأولها الابتعاد عن التجريح والقذف .
إن معظم من انتقدوا هذا النظام لم يركنوا إلي انتهاج أسلوب عملي يمكن إن يستشف منه مكمن الداء فتتم معرفة الدواء وذلك عبر الالتزام بثنائية تحديد الإشكالية وتقديم الحلول المثالية بل اعتمدوا علي التجريح الشخصي وكيل الشتائم وتوزيع التهم الغير مدعمة بالأدلة وإنما استندت على الإرجاف الذي وصل مرحلة التشكيك في وطنية هرم السلطة ورزمة من الاتهامات تظهر الفقر في طرح الإشكال واستبدال الطرح المهني بعبارات يعف اللسان عن نطقها ويدمع المداد حين يرغم على خطها.
مع إن رأس السلطة في البلاد السيد محمد ولد عبد العزيز لم يتفوه بالقول إن البلد أصبح مدينة فاضلة بل اقر بوجود الكثير من النواقص وبعض الإخفاقات التي ترجع لأسباب عدة كأي عمل بشري معرض للنقصان ومع ذالك
أليس سن قانون مكافحة الفساد وتفعيل المؤسسات الرقابية وقانون الرشاد والعناية بالشرائح الهشة وسياسة التمييز الإيجابي والاهتمام بالشباب وإفراد وزارة خاصة به وأخرى بالبيطرة ومشروع آفطوط الشرقي وتزويد الحوضين بالمياه كلها مشاريع سابقة في تاريخ البلاد أفلا تذكر فتشكر؟
لكل امرئ زاويته التي يري الأشياء منها وهذا حقه ولكن النقد المطلوب هو النقد البناء المبني علي تحديد الخلل وتقديم الحل، وليس التحامل الأعرج الذي يهتم صاحبه بعويص الألفاظ ونوادر القاموس و شوارد المعجم ليرسم إيقاعا موسيقيا يقدم القدح والذم بدل من النصح والتوجيه.
المنهج في النقد
إن من قرأت لهم في الأيام الماضية ركنوا إلى منهج نقدي يربك القارئ ويمزج بين الثوابت الوطنية مع المصالح الأسمى للأمة وبين هذا وذاك يخرجون أنيابا تنضح يفيح الشتم والقدح لرموز الدولة ومكمن هيبتها حيث يفترض أن تتعزز روح الذود عن هيبة الحاكم لحماية مصالح المحكوم.
إن قرار الحكومة بيع بعض المنشئات التعليمية العتيقة التي بنيت حسب متطلبات مرحلة انقضت ليس كفرا بواحا ولا أمرا محرما شرعا وليس مخالفة لدساتير وضعية.
بالغ البعض حين قال بأنها المرة الأولى التي يباع فيها صرح علمي كهذا، هل أتيك خبر بيع وهدم بيوت أمهات المؤمنين وكبار الصحابة لمصلحة عامة أقرتها الدولة حينها وهو توسيع المسجد النبوي الشريف؟ وهو فعل أنفذه الخليقة عمر ابن عبد العزيز وهو يومها وال على المدينة المنورة.
فما بالك بمبان أكل عليها الدهر وشرب وتجاوزت عمرها الافتراضي وخلت من الساكنة وأصبحت منطقة تجارية محضة وأضحت مشينة لمنظر المدينة وقلبها النابض.
بخصوص ما بيع من المركب الأولومببي ومدرسة الشرطة . لم لا يتم التساؤل كيف بيعت اف نور وسانتر أمتير وتفرغ زينع ولكصر وباقي أرجاء العاصمة المترامية الأطراف؟
أيجوز التشكيك في بيع قطع أرضية محدودة في مزاد علني لتزين شوارع عاصمة فتية وبمبالغ بالمليارات ضخت في حساب الخزينة الوطنية للدولة؟
التأويل في المقصد
تحولات كثيرة تلك التي شاءت الأقدار أن تشهدها البلاد في عهد الرئيس محمد ولد عبد العزيز، لكن أغرب ما لاحظته هو تأويل بعض المدونين لها ومحاولة تحويلها من مشاريع تنموية هامة إلى مشاريع نفعية محضة.
هل نسي هؤلاء أيام كانت جوازات السفر الموريتانية هي الوسيلة الأسهل لعبور المهاجرين غير الشرعيين وكبار تجار المخدرات ومنحها لكل من هب ودب مقابل دراهم معدودة؟ وحين تم إنشاء نظام بيومتري متطور وفريد في شبه المنطقة امتطى المرجفون في المدينة صهوة المواقع الالكترونية وشبكات التواصل الاجتماعية مشككين في إمكانية نجاح المشروع الذي صان للبلد هويته وضمن لمواطنينا أن لا ينازعهم حقهم في المواطنة أي دخيل.
حين شن الجيش الوطني غارات استباقية على قلاع الإرهابيين في واكادو قالوا إنها حرب بالوكالة ولا مبرر لها حتى راحت دولة مجاورة ضحية لتلك الفلسفة التى لا مسوغ لها.
والأغرب من كل ذلك هو أنهم تناسوا بهذا الطرح شهداء لمغيطي والغلاوية وتورين وسانتر متير والسيارات المفخخة في النعمة وعلى تخوم العاصمة,
وحين قررت الدولة تلميع صورة العاصمة وتشييد طرق عصرية وأرصفة راقية قيل إن القصد منها هو إثراء البعض على حساب ميزانية الدولة، إن صح ما قيل ألا يبقى إنشاء هذه الطرق والأرصفة آمر لاغنى عنه في متطلبات المدينة العصرية وهل من الضروري أن نعتمد في تنفيذ الأشغال على شرائك أجنبية لإسكات المتقولين؟
متى ييأس المفسدون وأزلامهم أن الحرب قد شنت عليهم ولا تراجع عنها وأن منابع الفساد تم تجفيفها ولم يعد هناك مجال للتراخي، ألا بعدا للفساد وأهله!!
بقلم الصحفي :محمد الأمين عبد الودود